فإذا كان أنثى خيم الذعر على البيت ومن فيه. إن القابلة هي التي تحمل النبأ، وشعور البهجة الذي يثيره فيها ميلاد الصبي ينقل بسرعة الكهرباء، فما إن تسري البشرى في الداخل حتى تعلن في الخارج بالزغردات: لو لو لو،
1
تقذفها أفواه النساء في المنزل أكثر من مائة مرة، وعندئذ يهنئ الجميع الأب، وتكون سعادة العائلة على أتمها.
إن الفتاة لا تحظى عندهم إلا بالثقافة المنزلية؛ فهي تكنس عندما تستطيع حمل المكنسة التي لا تتجاوز طولا نصف متر. وإذ يشتد ساعدها، تستخدم في الغسل والطهي وأشغال البيت الأخرى؛ فالولائم العربية تستدعي عدة تجهيزات، سواء أكان ذلك لدق اللحم في جرن لتحويله إلى معجون ناعم (الكبة)، أو لقطع اللحم يمزج بالأرز ويحشى به ورق العنب ، والملفوف، والكوسا، والباذنجان. إن مآكلهم الطيبة تقتضيهم وقتا كثيرا ومجهودا كبيرا.
أما الشئون الأخرى فلا تتعلم الفتيات التركيات منها إلا قليلا من الخياطة والتطريز على الطراز الشرقي الغليظ؛ هذه هي الأعمال التي يشغلون البنت بها. أظن أنه لا يوجد بين نساء المسلمين من يعرفن القراءة، ويزعم الرجال أنهم يقللون بذلك من خبثهن ومكرهن.
إن العادات الشرقية تشجب المخالطات الأجنبية حتى بين النساء. والمسلمات لا يبحن لأنفسهن سوى التمتع بالمسرات التي يمكن منها المنزل الذي لا يخرجن منه إلا لزيارة نسيباتهن القريبات.
ومع ذلك فعندهن الاستحمام، فإذا ما فقدنه فقدن أهم أسباب ملذاتهن. إن أزواجهن لا يمنعونهن منه؛ لأنهم على يقين أنه المكان الوحيد الذي لا يتعرض فيه شرفهم لأي خطر.
والنساء يذهبن إلى الحمامات عملا بتعاليم ديانتهن التي تقضي عليهن بالوضوء الكامل.
إنهن يهيئن - يوم ذهابهن إلى الحمام - كل حوائجهن منذ الصباح الباكر؛ فيجعلن من المناديل رزما مختلفة تصلح لعدة شئون، إنها متعددة جدا، فمنها ما يكون من الحرير أو القطن، ومنها ما يكون مربع الحجم ذا لون أبيض. إن النساء يتلثمن بأربعة مناديل في وقت واحد: على أكتافهن وعلى رءوسهن. وإذا شئن أن يكن ظريفات - ولو قليلا - فعليهن تبديلها مرة ومرتين بعد مغادرتهن المنزل.
والوقت الذي يقضينه في الحمام لا يمكن أن ينقص عن ثلاث ساعات أو أربع، وهن يأكلن ويشربن في أثناء ذلك، حتى إن تدخين الغليون والنارجيلة يملأ فراغا كبيرا من فترات الاستراحة.
Unknown page