فجلست قلقا مضطرب البال واجف القلب، أفكر في لويزا، وفيما يجب أن أصنعه لأكتسب حبها وأملك قلبها، وهممت أن أحمل قلبي على يدي وأذهب إليها، وأنطرح على قدميها، وأقدمه لها وأقول: حني أيتها العذراء الجميلة بنظرة على هذا القلب الولهان، فإن نظرة من عينيك ترده سعيدا، ونظرة من ناظريك تجعله تعيسا وتغادره صريعا فقيدا، على أني خفت من أن شهرة الغرام على هذه الصورة تخجلها، فيفر قلبها، ويجفل عني فأكون كدرت بلحظة واحدة الكأس التي اشتغلت في تصفيتها أكثر من شهرين، ورأيت أن من الحكمة والضرورة انتهاج غير هذا الباب، واستخدام وسيلة دانية المتناول أقرب من تلك لبلوغ المنى وإدراك الأمنية.
وبينا كانت عيناي لا تستقران في مكان، وفؤادي لا يهتدي سبيلا إلى الدعة والاطمئنان، وكانت تموجات بصري تنهال على الجمهور، ودمائي تدور في عروقي ما تدور:
أقبلت تنثني بقد رشيق
وجمال تغار منه البدور
تتهادى في مشيها مثل غصن
هزه في مروره العصفور
كأن طلعتها صباح العيد، وكأن عينيها رشد بدا للهائم الشريد، بيضاء صاغها النعيم، فأدقها وأجلها، وجعل الجمال في مقاطعها كلها، قد ازدهت بطهارتها، واطمأنت ببكارتها، فهي مثل البدر بهاء، وأكثر من المهاة دلا وحياء، وهي مثل الورد تلوينا وأكثر منه رقة وأجل تكوينا، وهي مثل الشمس ضياء، لكنها لا تغيب مساء.
قد كونها الله تعالى:
من استدارة القمر
إلى لطافة الزهر
Unknown page