/109/قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا أن الزكاة تجوز للفقراء، وإنه من لم يكن غنيا لحقه اسم الفقر ودخل في جملة الفقراء، وإن من استغنى بأي وجه استغناؤه، بمال أو احتيال كان غنيا، وأن من افتقر ولزمه معنى الفقر والحاجة من أي وجه كان سبيله كان ذا مال أو احتيال أنه فقير، وفي عامة ما يخرج من قول أصحابنا أنه من لم يكن معه ما يجزيه ويجزي عولته لكسوتهم ونفقتهم ومؤونتهم التي لا غنى لهم عنها في سنته، أو من ثمرته إلى ثمرته، أو فيما يدور عليه من صنعته أو تجارته، أو جميع احتياله لنفسه فهو فقير، وله أن يأخذ من الزكاة، ولمن أراد أن يعطيه ما لم يصبر بعطيته وأخذه إلى حال الانتقال من الفقر إلى حال الغنى.
وقد يخرج في بعض قولهم إنه لو كان في يده شيء يفضل عنه في سنته عن مؤونته ومؤونة من تلزمه مؤنته، كان له أن يأخذ من الزكاة ما لم يكن الفضل الذي في يده خمسين درهما، كأنهم يعنون أن يستظهر بها على معنى الأحداث في معيشته وفيما في يده.
وقال من قال: حتى يكون فاضلا معه مائتا درهم ولا يبين لي في هذا المعنى إلا أنهم أرادوا الاستظهار له في معنى الفضلة التي جعلوها له.
وإذا ثبت معنى الاستظهار لم يكن لذلك عندي عليه دون أن يستظهر بمثل ما يكفيه لسنته، إن حدث بما في يده حدث كان مستظهرا بما يجزئه في سنته عند انقطاع حال ما يرجو من عطيته، لأنه إذا ذهب ذلك ثم حدث عليه الحدث كان في النظر مفتقرا إلى ما يستظهر به مما أخذوه له.
/110/ويعجبني أن يخرج ذلك في الخمسين والمائتين، ومثل هذا أن يكون كل واحد قال في ذلك بما يرى أنه مستظهر به فحسن عندي معنى الاستظهار بمثل ما يجزي في السنة، وينظر في ذلك والله أعلم. [بيان، 19/ 110]
ذكر دفع الزكاة إلى الوالدين والقرابات
Page 59