لمقابلة الصفرية وهم بالخوارج. فكان بينه وبينهم حرب يطول ذكرها، فالتحم فيها القتال، وتداعى الأبطال ولزم الرجالة الأرض، فلا تسمع إلا وقع الحديد على الحديد، وتقابض الأيدي بالأيدي. وكانت كسرة على ميسرة العرب، ثم انكسرت ميسرة البربر وقلبهم، ثم كرت العرب على ميمنة البربر، فكانت الهزيمة. وسيق إلى حنظلة رأس عبد الواحد، وأخذ عكاشة أسيرا، فأتى به إلى حنظلة، فقتله وخر لله ساجدا.
وقيل إنه ما علم في الأرض مقتله كانت أعظم منها. أراد حنظلة أن يحصى من قُتل، وأمر بعدهم. فما فدر على ذلك. فأمر بقَصَبٍ فطرح قصبة على كل قتيل. ثم جمعت القصب، وعُدّت، فكانت القتلى مائة ألف وثمانين ألفا. وكانوا صفرية يستحلون النساء وسفك الدماء.
وكتب بذلك حنظلة إلى أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك. فسر بذلك سرورا عظيما. وكان الليث بن سعد يقول: (ما من غزوة كنت أحب أن أشهدها، بعد غزوة بدر، أحب إلي من غزوة القرن والأصنام) .
وفي سنة ١٢٥، توفي أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك بعلة الذبحة. وعماله في هذه السنة هم الذين كانوا في السنة قبلها، ومن جملتهم حفص بن الوليد على مصر، وحنظلة بن صفوان على أفريقية والمغرب، وأبو الخطار على الأندلس. ثم استخلف بعده الوليد بن يزيد، يوم موت هشام بن عبد الملك، وذلك يوم الأربعاء لست خلون من ربيع الأخر.
وفي سنة ١٢٦ توفي الوليد بن يزيد مقتولا يوم الخميس لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة، قتله يزيد بن الوليد المسمى بالناقص واستخلف يزيد ولم يكن في أيامه في هذه السنة بأفريقية أمر. وبويع بدمشق وجعل العهد نعده لابنه إبراهيم بن يزيد فأقام نحو شهر ونصف، ثم خلع نفسه لمروان الجعدي. فقيل إنه نبش على يزيد بن الوليد وأخرجه من قبره وصلبه.
1 / 59