بْج وأصحابه عبد الملك بن قطن أمير الأندلس، وسألوه إدخالهم الأندلس. فلم يأمنهم عبد الملك، ومطلهم بالميرة والسفن. ثم أضطر إلى إدخالهم الأندلس بعد ذلك، لسبب أشرحه في الجزء الثاني إن شاء الله؛ وهو موضعه في أخبار الأندلس. فكاتبهم، وشرط عليهم إقامة سنة في الأندلس، ثم يخرجون عنها. فرضوا بذلك؛ وكانوا نحو عشرة آلاف من عرب الشام.
ولما دخلوا الأندلس وأقاموا فيها سنة، ترفهوا بها. فأمرهم عبد الملك بالخروج منها، كما أشترط عليهم. فامتنعوا، وقتلوا عبد الملك بن قطن، واستولى بلج على الأندلس، وبقي بها أحد عشر شهرا، أميرا. وقد شرحنا أمره في أخبار الأندلس في الجزء الثاني وقال الرقيق: لم ينهزم من أهل أفريقية إلا عبد الرحمن بن حبيب؛ فإنه جاز على الأندلس؛ فقال لأميره عبد الملك بن قطن: (هؤلاء أهل الشتم يقلون: ابعث لنا مراكب نجوز فيها، وهم، إن جازوا إليك، لم بأمنهم عليك!) فلما أجازهم إليها، ما لبثوا فيها إلا سنة حتى وثبوا عليه مع بلج. فكانت بينهم اثنتا عشرة وقيعة، وكلها على عبد الملك بن قطن حتى قتله بلج واستولى على الأندلس.
وفي سنة ١٢٤، قتل بلج بالأندلس، ووليها ثعلبة بن سلامة العاملي، وأعقده أصحاب بلج مكانه بما عهد به هشام إليهم، وبايعوه. فثار في أيامه بقايا البربر بمادرِة؛ فغزاهم ثعلبة، وقتل منهم خلقا كثيرا وأسر منهم نحو الألف، وانصرف إلى قرطبة. فكانت ولايته عشرة أشهر. وفيها كان ابتداء ظهور برغواطة.
ذكر برغواطة وارتدادهم عن الإسلام
قال ابن القطان وغيره: كان طريف من ولد شمعون ابن إسحاق وإن الصفيرة رجعت إلى مدينة القيروان لنهبها استباحتها في ثلث مائة
1 / 56