347

Al-bayān al-mughrib fī akhbār al-Andalus waʾl-maghrib

البيان المغرب في أخبار الأندلس و المغرب

Editor

ج. س. كولان، إِ. ليفي بروفنسال

Publisher

دار الثقافة

Edition

الثالثة

Publication Year

١٩٨٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك إلى الأندلس؛ فبايعه أهلها، وتجددت لهم بها دولة استمرت إلى بعد الأربع والعشرين والأربعمائة. والناس يعتقدون أن دولتهم كانت انقطعت من حين قتل مروان إلى أن جددها عبد الرحمن الداخل سنة ١٣٦ أو نحوها؛ وقيل إنها كانت متصلة، لم تنقطع من زمن عثمان ﵁ إلى زمن المعتد بالله بقرطبة آخر خلفائهم سنة ٤٢٤. وهذا القول ينبني على ما قاله بعضهم إن عهد عبد الرحمن بن حبيب صاحب إفريقية من قبل بني أمية وصل إلى يوسف بن عبد الرحمن الفهري المتغلب على الأندلس، الذي دخل عبد الرحمن بن معاوية وهو أميرها. فتأمل هذا؛ فإنه، إن صح، نكتة غريبة وفائدة عجيبة.
قال أبو محمد بن حزم: وانقطعت دولة بني مروان بالمشرق بمروان بن محمد الجعدي. وكانت، على علاتها، دولة عربية، لم يتخذ ملوكها قاعدة لأنفسهم، إنما كان سكنى كل أمير منهم في داره وضيعته اللتان كانتا له قبل الخلافة، ولا أكثروا احتجان الأموال، ولا بناء القصور، ولا طلبوا مخاطبة الناس لهم بالتمويل والعبودية والملك، ولا تقبيل أرض، ولا يد، ولا رجل، إنما كان غرضهم الطاعة الصحيحة والتولية والعزل في أقاصي بلاد الدنيا؛ فكانوا يعزلون العمال، ويولون الأخر في السند والهند، وفي خراسان، وفي أرمينية، وفي العراق، وفي اليمن، وفي المغرب الأدنى والأقصى وبلاد السوس وبلاد الأندلس؛ وبعثوا إليها الجيوش، وولوا عليها من ارتضوا من العمال، وملكوا أكثر الدنيا. فلم يملك أحد من ملوك الدنيا ما ملكوه من الأرض، إلى أن تغلب عليهم بنو العباس بالمشرق، وانقطع بها ملكهم. فسار منهم عبد الرحمن بن معاوية إلى الأتدلس، وملكها هو وبنوه، وقامت بها دولة بني أمية نحو الثلاثمائة سنة. فلم يك في دول الإسلام أنبل منها، ولا أكثر نصرا على أهل الشرك، ولا أجمع لخلال الخير؛ وبهدمها انهدمت الأندلس إلى الآن، وذهب بهاء الدنيا بذهابها.

2 / 39