Batl Fatif Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Genres
الفصل الثاني
فتح عكا بعد حصار ستة أشهر.
قرار الباب العالي بخلع محمد علي باشا.
تعيين حسين باشا.
حاكما على مصر.
الجيش المصري في سوريا. ***
خريطة تبين مواقع القوات البرية والبحرية أثناء حصار عكا.
في 27 مايو بدأ هجوم المصريين عند الفجر على قلعة عكا من ثلاث جهات، وظل هذا الهجوم متواليا حتى الظهر ثم أوقف خوفا من الألغام؛ لأن أرض المدينة كانت ملغمة كما أنبأ الأسرى. وكان إبراهيم مصلتا سيفه في مقدمة جيشه، فبعد الكر والفر والتقدم والتقهقر توصل إبراهيم بآلايه لاحتلال أحد خانات المدينة وامتنع فيه، وأخذت جنوده وما تلقته تلك الجنود من الإمداد تتسرب إلى جوف المدينة من جهاتها الأربع، وظهر العجز والملل على الحامية، وظهر الضجر والسآمة والقنوط على السكان، فأرسلوا إلى عبد الله باشا بأن أوان التسليم قد حل، وأرسلوا إلى عبد الله باشا وفدا يطلبون منه العفو، فأجابهم إبراهيم باشا أنه لا يمس أحدا بسوء إذا ألقى عبد الله باشا والحامية والأهالي سلاحهم في الحال. وخشي عبد الله باشا أن تفتك الحامية والأهالي به إذا حاول الفرار، فمكث في داره حتى صباح اليوم التالي إلى أن أرسل إبراهيم باشا حرسا يحرسه في مجيئه إليه، فربط عبد الله باشا وربط الكخيا منديلا في عنقه دلالة على الاستسلام والخضوع.
ولما دخل عبد الله باشا على إبراهيم انحنى إلى الأرض، فتناوله إبراهيم باشا في الحال بكلتا يديه وقال له: «أنا وأنت متساويان؛ فذنبك إلي لا يغتفر ولكنك تجرأت على محمد علي وهو أكبر حلما!» فرد عبد الله باشا بقوله: «هذا حكم القدر.» وجامل إبراهيم خصمه كثيرا حتى أزال وحشته، وبعد تناول العشاء معه هم عبد الله باشا بالانصراف إلى غرفة النوم التي أعدت له في منزل إبراهيم، فقال إبراهيم: «إنك يا عبد الله باشا ستنام الليلة مرتاحا.» فأجابه عبد الله: «كراحتي في كل ليلة مضت.» ثم التفت إلى إبراهيم وقال له: «لا تعاملني يا باشا معاملة الحريم؛ فإن دفاعي يبرهن لك على الضد، وكل أخطائي أني اعتمدت على الباب العالي الذي لا يزيد شرفه في نظري على شرف المومس، ولو أني عرفت ذلك لاتخذت الحيطة ولما كنت اليوم ملقى بين يديك.»
وفي رسالة قنصل فرنسا بكريد إلى حكومته أن عبد الله قال له وهو مار بتلك الجزيرة في شهر يناير بعد إطلاق سراحه: «كان لدي للدفاع عن عكا جدرانها وأسوارها والرجال والمال، ولما استولى عليها إبراهيم باشا كانت أسوارها قد تهدمت ورجالها قد بادت، وقد قتل 5600 من ستة آلاف، ولم يبق معي من المال سوى بعض الحلي.»
Unknown page