بالأبواء، أطلع في بئر عادية فأصابته اللقوة، فأتى مكة، فلما قضى نسكه وصار إلى منزله، دعا بثوب فلفه على رأسه وعلى جانب وجهه الذي أصابه فيه ما أصابه، ثم أذن للناس فدخلوا عليه، وعنده مروان بن الحكم فقال: إن أكن أبتليت فقد أبتلي الصالحون قبلي، وأرجو أن أكون منهم، وأن عوقبت فقد عوقب الظالمون قبلي، وما آمن أن أكون منهم، وقد أبتليت في أحسن ما يبدو مني، وما أحصي صحيحي، وما كان لي على ربي إلا ما أعطاني؛ والله إن كان عتب علي بعض خاصتكم، فقد كنت حدبًا على عامتكم، فرحم الله رجلًا دعا لي بالعافية؛ قال: فعج الناس له بالدعاء، فبكى، فقال مروان: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ فقال: كبرت سني، وكثر الدمع في عيني، وخشيت أن تكون عقوبة من ربي، ولولا يزيد لأبصرت قصدي، وأنشد: الكامل
وإذا رأيت عجيبة فأصبر لها ... فالدهر قد يأتي بما هو أعجب
ولقد أراني والأسود تخافني ... فأخافني من بعد ذاك الثعلب
٢٩ - قال أعرابي للحسن: أيها الرجل الصالح، علمني دينًا وسوطًا، لا ذاهبًا شطوطًا، ولا هابطًا هبوطًا، فقال الحسن: أما إن قلت ذلك: إن خير الأمور أوساطها.
1 / 18