المقالة الثالثة فى التأليفات الموصلة الى التصديق وتقسم الى خمسة فنون
الفن الأول فى التأليف الأول الواقع للمفردات وهو الملقب بباديرمنياس ويشتمل على مقدمة وتسعة فصول
أما المقدمة: فهى أن للاشياء وجودا فى الأعيان ووجودا فى الاذهان وهو ادراك الأشياء اما بالحس او الخيال أو الوهم أو العقل على ما يعرف تفاصيل المدركات فى العلوم ووجودا فى اللفظ ووجودا فى الكتابة.
فالوجود الذهنى-ويسمى الأثر النفسانى-هو مثال مطابق للوجود العينى دال عليه واللفظ دال على ما فى الذهن وما فى الذهن يسمى معنى بالنسبة الى اللفظ، كما ان الأعيان فى أنفسها أيضا تسمى معانى بالنسبة الى الذهن لأنها هى المقاصد لما فى النفس.
والكتابة دالة على اللفظ ولذلك حوذى بأجزائها وتركيبها اجزاء اللفظ وتركيبه وقد كان الى انشائها دالة على ما فى النفس دون توسط اللفظ سبيل، فكان يجعل لكل أثر فى النفس كتابة معينة مثلا للحركة كتابة وللسكون أخرى وللسماء والأرض وغيرهما من الاعيان صور لكل بحسبه.
لكنه لو أجرى الأمر على ذلك لكان الانسان ممنوا بأن يحفظ الدلائل على ما فى النفس ألفاظا ويحفظها رقوما أيضا، فخففت المئونة فى ذلك بأن قصد الى الحروف الأولى القليلة العدد فوضع لها اشكال يكون حفظها مغنيا عن حفظ رقم رقم دال على شيء شيء واذا حفظت حوذى بتأليفها رقما تأليفها لفظا فصارت الكتابة بهذا السبب دالة على الالفاظ أولا.
لكن ما فى النفس من الآثار يدل بذاته على الأمور لا بوضع واضع، فلا يختلف لا الدال ولا المدلول عليه ودلالة اللفظ على الأثر النفسانى دلالة
Page 160