وقال عنه السياسي لورد بلدوين: «إنه ساحر غاية السحر مع جليس واحد، قلق مع جليسين، ويقف على رأسه مع أربعة جلساء!»
وقال ماسفيلد الشاعر يحييه في عامه التسعين من قصيدة شعرية: «أيتها الرءوس النيرة على هذا الكوكب كرميه وهو بقيد الحياة، وليأت ولاة الفن الجميل بعد قرون فليأمروا له بالنصب والتماثيل، وحسبنا من الوفاء أن نسمي مجده - وهو بيننا - باسم العظيم.»
وروى مترجمه بيرسون عن سيدة من مضيفاته قالت: إنك تدعوه إلى بيتك، وتحسب أنه سيمتع ضيوفك ببراعة حديثه، وقبل أن تشعر بنفسك ترى أنه قد اختار مدرسة لولدك، وأملي عليك وصيتك، ونظم لك وجبات طعامك، واتخذ لنفسه وظائف وكيل أشغالك، وصاحب دكانك، وقسيسك، وطبيبك، وخائط ملابسك، وحلاقك، وناظر ضيعتك. فإذا فرغ من هذا التفت إلى الصغار فحرضهم على الثورة والتمرد، ثم ينصرف حين لا يجد أمامه ما يعمله أو يقوله، وينساك كل النسيان.
ومن طريف المناوشات بينه وبين أناطول فرانس أنه قال له بالفرنسية عند أول لقاء: أنا أيضا عبقري مثلك ... فقال له فرانس: حسن، حسن. إنه لمن حق المرأة اللعوب أن تقول عن نفسها إنها تاجرة سرور!
فلم يغضب شو. وعاد فرانس فقال لصحبه: «إنه لظرف من الفتى ومهارة، فإنه لم يعلن لي عبقريته بهذه الكلمات وكفى، بل هو قد منحني الثقة بعبقريتي كذاك.» •••
أما أقواله هو في الناس فالغالب عليها أنها ميزان دقيق لأقدار الناس وملكاتهم، ولكن على شريطة واحدة، وهي أن نحسب حسابا لصنجتين موضوعتين في الميزان على الدوام، وهما صنجة المبالغة التي يحق لنا أن نسميها صنجة القافية - إذا كانت القافية لا تعذر.
يعزف لزوجته قبل أن تنام.
والأخرى صنجة الشطط في ادعاءاته لنفسه، فهو تارة قد أنقذ شكسبير من الخمول بالحملة عليه، وهو تارة قد دفن ماكس نورداو بعد أن قضى عليه بضربة واحدة، وهو في كل على حال على وزن أفعل التفضيل أو أفعل التفضيل مع الألف واللام.
ولا بد أن نلاحظ في هذا الشطط أمرين: أحدهما أنه في الواقع ثورة على عرف الرياء في زمنه، أو ثورة على التواضع الكاذب الذي تواضع عليه المقلدون الاجتماعيون في جميع الأزمان، وإيمان بأن رأي المرء في نفسه غير مستثنى من الصراحة الواجبة في جميع الآراء، وبخاصة حين يعم الإنكار المغرض لأقدار ذوي الأقدار.
والأمر الآخر الذي يلاحظ على شططه في ادعاءاته لنفسه أن الناس يتقبلون تلك الادعاءات وعلى شفاهم ابتسامة وفي نفوسهم مسامحة وهوادة، كأنهم يستمعون إلى شيطنة طفل محبوب، أو إلى غرور شيخ طيب لا ضرر من مجاراته وتقبل غرائبه وبدواته، فهي عندهم أقرب إلى المزاح المحتمل منها إلى الجد المستنكر، ولا بأس من النظر إلى الميزان بعد إسقاط هذه «الصنجة» من الحساب، فإن وزنه بعد ذلك صحيح مفيد. •••
Unknown page