وكذلك فعل سيدني ويب واضع عبارة «التدرج المحتوم»، فإنه أيضا زار روسيا وأكب على درس منظماتها، ثم أخرج كتابه عنها بعنوان «حضارة جديدة» رفعها فيه إلى السماء إعجابا وإطراء.
وقد يتساءل القارئ هنا بحق: كيف يكون برنارد شو اشتراكيا ويحتقر الشعب؟
والجواب أنه ينتمي أولا إلى الطبقة المتوسطة ويحس إحساسها من الاستعلاء على العامة؛ ولذلك كان بعقله مع الشعب وبعاطفته مع طبقته السائدة، ثم علينا ألا ننسى أن معظم من كانوا اشتراكيين سئموا البطء في حركات الإصلاح الاشتراكية، فعمدوا مخدوعين إلى الفاشية، باعتبار أنها الديكتاتورية التي تستعجل الإصلاح وتختصر الطريق، ثم عرفوا بعد ذلك خطأهم وندموا.
ولما ذهب برنارد شو إلى روسيا انقلب، وآمن بالثورة وبالشعب، ومدح النظام الاشتراكي القائم.
هناك أفكار تعد خمائر؛ أي لا تتحيز مكانا وتقف عنده ساكنة في عقولنا، وإنما تسري كالخميرة في سائر الكتلة المحيطة فتغذوها وتنيرها وتطورها.
وقد وجدت هذه الخميرة التي غيرتني وطورتني في الجمعية الفابية، وفهمت إنسانية أخرى لم أكن أفهمها قبل التحاقي بها؛ إذ وجدت رجالا ونساء يبحثون معاني الخير والشرف ويتساءلون: كيف نلغي الفقر؟ كيف نمنع الجريمة؟ كيف نربي الطفل؟ كيف نكافح الاستعمار؟
وقبيل الحرب الكبرى الأولى ألفت ثلاثة كتيبات نفدت جميعها، وهي تدل على الاختمارات الذهنية التي كنت أعانيها والتي كانت ثمرة الحركات الذهنية في الجمعية الفابية: (1)
مقدمة السبرمان، كما يفهمه نيتشه وبرنارد شو، وبهذه المقدمة فصل عن ضرورة الاشتراكية باعتبارها النظام العادل للحكم والإنتاج (طبع في 1910). (2)
نشوء فكرة الله، وهو تلخيص لكتاب جرانت ألين، يبحث الأصول المادية التاريخية التي أدت إلى الإيمان بالله (طبع في 1912). (3)
الاشتراكية، وهو دعوة إلى هذا المذهب (طبع في 1913).
Unknown page