Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
Publisher
مطبعة الحلبي
Edition Number
بدون طبعة
Publication Year
١٣٤٨هـ
الْآيَةِ هُوَ الْوُجُوبُ الْمَفْهُومُ مِنْ أَمْرِ الرَّسُولِ لَا غَيْرِهِ مِنْ النَّدْبِ وَالسُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ إذْ الْفِتْنَةُ وَالْعَذَابُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ وَالنَّدْبِ قُلْنَا يَجُوزُ كَوْنُ الْمَقْصُودِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْمَطْلُوبِ أَوْ الْخَاصِّ يَسْتَلْزِمُ الْعَامَّ قِيلَ لَفْظَةُ عَنْ صِلَةٌ أَيْ زَائِدَةٌ لِتَضْمِينِ مَعْنَى الْإِعْرَاضِ ﴿أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾ [النور: ٦٣] فِي الدُّنْيَا مَفْعُولُ يَحْذَرُ أَيْ لِئَلَّا يُصِيبَهُمْ بَلَاءٌ أَوْ مِحْنَةٌ فِي الْمَالِ وَالنَّفْسِ وَالْوَلَدِ أَوْ عُقُوبَةٌ أَوْ زَلَازِلُ وَأَهْوَالٌ وَتَسْلِيطُ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ إسْبَاغُ النِّعَمِ اسْتِدْرَاجًا أَوْ قَسْوَةُ الْقَلْبِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْمَعْرُوفِ أَوْ طَبْعُ الْقُلُوبِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَتَكْرَارُ الْمُنْكَرِ كَذَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ نَحْوُ الْقَحْطِ وَالْغَلَاءِ وَحَبْسِ الْمَطَرِ وَتَسْلِيطِ الْمَضَرَّاتِ كَالْجَرَادِ وَنَحْوِهَا نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ﴿أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣] مُؤْلِمٌ وَجِيعٌ فِي الْآخِرَةِ وَقِيلَ هُوَ الْقَتْلُ.
وَفِي الْأَحْزَابِ ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ﴾ [الأحزاب: ٢١] اللَّامُ تَوْطِئَةُ قَسَمٍ أَيْ وَاَللَّهِ قِيلَ الْخِطَابُ لِلْمُنَافِقِينَ ﴿فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] أَيْ قُدْوَةٌ صَالِحَةٌ أَيْ اقْتَدُوا بِهِ اقْتِدَاءً حَسَنًا بِنَصْرِ دِينِهِ وَعَدَمِ تَخَلُّفِهِ وَصَبْرِ شَدَائِدِهِ كَنَفْسِهِ ﵊ إذْ كُسِرَتْ رُبَاعِيَّتُهُ وَجُرِحَ وَجْهُهُ وَقُتِلَ عَمُّهُ وَأُوذِيَ بِضُرُوبٍ مِنْ الْأَذَى فَصَبَرَ وَسَامَحَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَافْعَلُوا أَنْتُمْ كَذَلِكَ أَيْضًا وَاسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ قَالَهُ الْخَازِنُ ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ٢١] قِيلَ بَدَلٌ مِنْ لَكُمْ لَعَلَّ الْأَوْجَهَ صِلَةٌ لِحَسَنَةٍ أَوْ صِفَةٌ لَهَا كَمَا فِي الْبَيْضَاوِيِّ أَيْ ثَوَابُ اللَّهِ وَلِقَاؤُهُ قِيلَ أَوْ يَخَافُونَ حِسَابَهُ ﴿وَالْيَوْمَ الآخِرَ﴾ [الأحزاب: ٢١] أَيْ نَعِيمَ الْآخِرَةِ أَوْ يَخْشَى يَوْمَ الْبَعْثِ الَّذِي فِيهِ الْجَزَاءُ ﴿وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١] فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِهِ وَأَحْوَالِهِ بِاللِّسَانِ أَوْ الْقَلْبِ أَوْ بِهِمَا فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَفِي جَمِيعِ الْمَوَاطِنِ.
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَقَرَنَ بِالرَّجَاءِ كَثْرَةَ الذِّكْرِ الْمُؤَدِّيَةِ لِمُلَازَمَةِ الطَّاعَةِ فَإِنَّ الْمُؤْتَسِيَ بِالرَّسُولِ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ إمَّا بِحَسَبِ الْأَمْرِ الْمُفَادِ الْمَذْكُورِ أَوْ مِنْ إشَارَةِ قَوْلِهِ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ إلَخْ فَحَاصِلُ التَّوْجِيهِ مَثَلًا الِاقْتِدَاءُ الْحَسَنُ بِرَسُولِ اللَّهِ اعْتِصَامٌ بِالسُّنَّةِ وَالِاقْتِدَاءُ وَاجِبٌ فَيُنْتَجُ مِنْ الشَّكْلِ الثَّالِثِ الِاعْتِصَامُ وَاجِبٌ أَمَّا الصُّغْرَى فَظَاهِرَةٌ وَأَمَّا الْكُبْرَى فَتَضَمَّنَ قَوْلُهُ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أَمْرَ اقْتَدُوا اقْتِدَاءً حَسَنًا وَأَمْرَ اسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ.
وَقِسْ عَلَيْهِ وَجْهَ الْأَمْرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَفِي الْأَحْزَابِ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ [الأحزاب: ٤٥] لِلرُّسُلِ بِالتَّبْلِيغِ أَوْ لِلْخَلْقِ كَافَّةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ شَاهِدًا لِوَحْدَانِيِّتِنَا ﴿وَمُبَشِّرًا﴾ [الأحزاب: ٤٥] بِرَحْمَتِنَا أَوْ لِلْمُحْسِنِينَ بِرِضَانَا أَوْ لِمَنْ آمَنَ بِالْجَنَّةِ ﴿وَنَذِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٥] لِمَنْ كَذَّبَ بِالنَّارِ أَوْ بِنِقْمَتِنَا أَوْ لِلْعُصَاةِ بِعِقَابِنَا ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٤٦] إلَى الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ أَوْ دَاعِيًا الْخَلْقَ إلَى بَابِ اللَّهِ ﴿بِإِذْنِهِ﴾ [الأحزاب: ٤٦] بِأَمْرِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ أَوْ بِالْقُرْآنِ الْمُنَزَّلِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِتَيْسِيرِ الدَّعْوَةِ إيذَانًا بِأَنَّهُ أَمْرٌ صَعْبٌ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِمَعُونَةٍ مِنْ جَنَابِ قُدْسِهِ لِأَنَّ دَعْوَةَ أَهْلِ الشِّرْكِ إلَى التَّوْحِيدِ أَمْرٌ فِي غَايَةِ الصُّعُوبَةِ ﴿وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٦] أَيْ كِتَابًا مُبِينًا أَيْ ذَا سِرَاجٍ مُنِيرٍ وَقِيلَ وَسِرَاجًا حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ لِحَضْرَتِنَا أَوْ هَدْيًا لَهُمْ إلَى أَنْوَارِ الْأُنْسِ مُنِيرًا عَلَيْهِمْ ظُلُمَاتِ النَّفْسِ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ مُنِيرًا يُسْتَضَاءُ بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الْجَهَالَةِ وَتُقْتَبَسُ مِنْ نُورِهِ أَنْوَارُ الْبَصَائِرِ.
وَعَنْ الْخَازِنِ إنَّمَا سَمَّاهُ سِرَاجًا مُنِيرًا لِأَنَّهُ جَلَا بِهِ ظُلُمَاتِ الشِّرْكِ وَاهْتَدَى بِهِ الضَّالُّونَ كَمَا يُجْلَى ظَلَامُ اللَّيْلِ بِالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ وَقِيلَ أَيْ أَمَدَّ اللَّهُ بِنُورِ نُبُوَّتِهِ نُورَ الْبَصَائِرِ كَمَا يُمَدُّ بِنُورِ السِّرَاجِ نُورُ الْإِبْصَارِ وَصَفَهُ بِالْإِنَارَةِ لِأَنَّ مِنْ السِّرَاجِ مَا لَا يُضِيءُ لِفُتُورِهِ قِيلَ فِي وَجْهِ تَسْمِيَتِهِ بِالسِّرَاجِ مَعَ أَنَّ الشَّمْسَ أَنْوَرُ هُوَ أَنَّ نُورَ الشَّمْسِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ وَنُورُ السِّرَاجِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْوَارٌ كَثِيرَةٌ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ بِأَنَّ نُورَ الْقَمَرِ مُسْتَفَادٌ مِنْ الشَّمْسِ وَأَيْضًا أَنْوَارُ النُّجُومِ عَلَى رَأْيِ الْبَعْضِ فَقِيلَ فِي الْوَجْهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ السِّرَاجِ هُوَ الشَّمْسُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى
1 / 60