49

Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Publisher

مطبعة الحلبي

Edition Number

بدون طبعة

Publication Year

١٣٤٨هـ

الْقُرْآنَ وَسَمِعْتُ لَفْظًا شَدِيدًا حَتَّى خِفْت عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى لَمْ أَسْمَعْ صَوْتَهُ فَفَرَغَ ﷺ مَعَ الْفَجْرِ فَانْطَلَقَ إلَيَّ فَقَالَ لِي نِمْتَ فَقُلْت لَا وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ مِرَارًا أَنْ أَسْتَغِيثَ بِالنَّاسِ حَتَّى سَمِعْتُك تَقْرَعُهُمْ بِعَصَاك تَقُولُ اجْلِسُوا فَقَالَ هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا قُلْت نَعَمْ رِجَالًا سُودًا بِثِيَابٍ بِيضٍ قَالَ أُولَئِكَ جِنُّ نَصِيبِينَ سَأَلُونِي الْمَتَاعَ، وَالْمَتَاعُ الزَّادُ فَمَتَّعْتهمْ بِكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ وَرَوْثَةٍ وَبَعْرَةٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تَغْدِرُهَا النَّاسُ فَقُلْت وَمَا يُغْنِي ذَلِكَ عَنْهُمْ فَقَالَ إنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ عَظْمًا إلَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ لَحْمَهُ يَوْمَ أُكِلَ وَلَا رَوْثَةً إلَّا وَجَدُوا فِيهَا حَبَّهَا يَوْمَ أُكِلَتْ فَقُلْت سَمِعْت لَغَطًا شَدِيدًا فَقَالَ إنَّ الْجِنَّ بَدَرَتْ فِي قَتِيلٍ قُتِلَ بَيْنَهُمْ فَتَحَاكَمُوا إلَيَّ فَقَضَيْت بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ» .
«قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - هُمْ سَبْعَةٌ مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ فَجَعَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رُسُلًا إلَى قَوْمِهِمْ» وَقَالَ آخَرُونَ تِسْعَةٌ وَرُوِيَ أَنَّ الْجِنَّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ بِهَا فِي الْهَوَاءِ وَصِنْفٌ عَلَى صُورَةِ الْحَيَّاتِ وَالْكِلَابِ وَصِنْفٌ يَرْحَلُونَ وَيَظْعَنُونَ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أُولَئِكَ الْجِنَّ كَانُوا يَهُودًا فَأَسْلَمُوا قَالُوا وَفِي الْجِنِّ مِلَلٌ كَثِيرَةٌ مِثْلُ الْإِنْسِ فَفِيهِمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ وَعَبَدَةُ الْأَصْنَامِ وَفِي مُسْلِمِيهِمْ مُبْتَدَعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَكُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ «حَتَّى قَالُوا» لِقَوْمِهِمْ لَمَّا رَجَعُوا إلَيْهِمْ «﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ [الجن: ١]» ذَا عَجَبٍ يُعْجَبُ مِنْهُ لِبَلَاغَتِهِ وَعَدَمِ مُشَابَهَتِهِ بِكَلَامِ أَحَدٍ وَلِغَايَتِهِ فِي حُسْنِ النَّظْمِ وَدِقَّةِ مَعْنَاهُ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ لِلْمُبَالَغَةِ.
«﴿يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ [الجن: ٢]» إلَى الْحَقِّ وَالصَّوَابِ «﴿فَآمَنَّا بِهِ﴾ [الجن: ٢]» أَيْ: الْقُرْآنِ «فَمَنْ قَالَ بِهِ» اسْتَدَلَّ بِالْقُرْآنِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ «صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ» بِمَضْمُونِهِ «أُجِرَ» بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ يَعْنِي يُعْطِي اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَجْرًا «وَمَنْ حَكَمَ بِهِ» فِي نَفْسِهِ أَوْ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ «عَدَلَ» فِي حُكْمِهِ «وَمَنْ دَعَا» النَّاسَ «إلَيْهِ» بِالْمَوَاعِظِ وَالنَّصَائِحِ وَالتَّدْرِيسِ أَوْ بِالتَّمَسُّكِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِهِ «هُدِيَ» بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ هَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَوْصَلَهُ «إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» مُعْتَدِلٍ وَهُوَ طَرِيقُ الْحَقِّ الْمُؤَدِّي إلَى الْجَنَّةِ.
السَّادِسُ حَدِيثُ (حك) الْحَاكِمُ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَطَبَ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» وَهِيَ حَجَّةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي السَّنَةِ

1 / 49