242

Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Publisher

مطبعة الحلبي

Edition

بدون طبعة

Publication Year

١٣٤٨هـ

الْحَدِيثَ.
لَعَلَّ الْحُكْمَ بِالْأَكْثَرِ وَالْأَغْلَبِ فِي هَذِهِ الْقُرُونِ وَإِلَّا فَمَا ظَهَرَ مِنْ الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ مِنْ الْقَرْنِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ كَزَمَانِ يَزِيدَ وَالْحَجَّاجِ، وَمَا ظَهَرَ مِنْ الرَّابِعِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ الْمُجْمَعِ عَلَى اسْتِقَامَتِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ وَعَدَالَتِهِمْ إلَى يَوْمِنَا هَذَا يَشْكُلُ عَلَى الْحَدِيثِ ثُمَّ إنَّمَا كَانَ قَرْنُهُ خَيْرَ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِهِ حِينَ كَفَرَ النَّاسُ وَصَدَّقُوهُ حِينَ كَذَّبُوهُ وَنَصَرُوهُ حِين خَذَلُوهُ وَجَاهَدُوا وَآوَوْا وَنَصَرُوا وَتَنَوَّرُوا بِأَنْوَارِ النُّبُوَّةِ.
ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنْ إتْيَانِ الْحَدِيثِ إثْبَاتُ لُزُومِ الْقَدْحِ فِي سَيِّدِنَا مِنْ حَيْثُ لُزُومُ الْكَذِبِ فِي خَبَرِهِ وَإِثْبَاتُ كَوْنِ الصَّحَابَةِ أَفَاضِلَ الْأُمَّةِ إذْ الْخَيْرِيَّةُ فِي قَرْنِهِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْفَضْلِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَتْ الْأَفْضَلِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَفْرَادِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْ شُرَّاحِ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَجْمُوعِ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَعَنْ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ مَنْ قَاتَلَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ فِي زَمَنِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ أَنْفَقَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِسَبَبِهِ لَا يَعْدِلُهُ فِي الْفَضْلِ أَحَدٌ بَعْدَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَلَا يَتِمُّ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ ذَلِكَ فَمَحَلُّ بَحْثٍ.
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ الْمُجْمَعُ عَلَى جَلَالَتِهِ وَإِمَامَتِهِ لَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا يُرِيدُ الصَّحَابَةَ كُنَّا فِي جَنْبِهِمْ لُصُوصًا (وَخَرَجَ م عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا «(أَنَّهُ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ) - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (الْقَرْنُ الَّذِي أَنَا فِيهِمْ)، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِيهِ بَدَلُ فِيهِمْ وَهُمْ الصَّحَابَةُ. (ثُمَّ الثَّانِي) التَّابِعُونَ (ثُمَّ الثَّالِثُ)» أَتْبَاعُ التَّابِعِينَ (وَخَرَّجَا) أَيْ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ خَرَّجَا خ م فَالظَّاهِرُ مِنْ سَهْوِ النَّاسِخِ وَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ فَأَخَذَهُ (عَنْ) أَبِي سَعِيدٍ (الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي»، وَفِي الْمَشَارِقِ عَلَى رَمْزِ مُسْلِمٍ فَقَطْ عَلَى تَكْرَارِ هَذَا الْقَوْلِ.
وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ تَكْرَارُهُ لِلتَّأْكِيدِ وَلِغَايَةِ قُبْحِ سَبِّهِمْ قَالَ الْجُمْهُورُ مَنْ سَبَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يُعَزَّرُ وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ يُقْتَلُ.
وَفِي فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِيمَنْ اسْتَفْتَى عَنْ سَبِّ مُعَاوِيَةَ وَطَعْنِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَجَابَ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ عَلَى التَّأْبِيدِ إلَى أَنْ يُظْهِرَ سِيمَاءَ الصَّلَاحِ، وَالتَّوْبَةَ الصَّادِقَةَ «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ» أَيْ كُلَّ أَحَدٍ مِنْكُمْ «لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا» يَعْنِي لَوْ تَصَدَّقَ ذَهَبًا مِقْدَارَ جَبَلِ أُحَدٍ («مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ» بِضَمِّ الْمِيم.
وَرُوِيَ بِفَتْحِهَا رُبْعُ الصَّاعِ («وَلَا نَصِيفُهُ» وَهُوَ لُغَةٌ فِي النِّصْفِ كَالْخَمِيسِ فِي الْخَمْسِ وَقِيلَ النَّصِيفُ مِكْيَالٌ أَيْضًا دُونَ الْمُدِّ يَعْنِي تَصَدُّقُ قَدْرَ الْمُدِّ مِنْ الطَّعَامِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَفْضَلُ مِنْ تَصَدُّقِ ذَهَبٍ مِثْلِ أُحُدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ إنْفَاقَهُمْ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَمَزِيدِ الْإِخْلَاصِ مَعَ مَا كَانُوا فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إلَى نُصْرَةِ الدَّيْنِ وَهَذَا مَعْدُومٌ بِعَدَمِهِمْ وَكَذَا سَائِرُ طَاعَاتِهِمْ.
فَإِنْ قُلْت الْمُخَاطَبُونَ إنْ كَانُوا الصَّحَابَةَ فَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَإِنْ كَانُوا مَنْ بَعْدَهُمْ فَهُمْ غَيْرُ مَوْجُودِينَ قُلْت يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ مِنْ الْعَوَامّ الَّذِينَ لَمْ يُصَاحِبُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُفْهَمُ مِنْهُ خِطَابُ مَنْ بَعْدَهُمْ بِدَلَالَةِ النَّصِّ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْخِطَابَ يُوجِبُ الرُّؤْيَةَ، وَالرُّؤْيَةُ تُوجِبُ الصُّحْبَةَ فَيَرْجِعُ إلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ الَّذِي حُكِمَ فِيهِ بِعَدَمِ الِاسْتِقَامَةِ وَكَذَا مَا أُجِيبَ عَنْهُ أَيْضًا بِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِعَوَامِّ الصَّحَابَةِ أَوْ مَعَ صِغَارِ الصَّحَابَةِ أَوْ مَعَ الَّذِينَ سَيُوجَدُونَ وَأَكْثَرُ الشَّرَائِعِ عَلَى هَذَا النَّهْجِ وَقَدْ قِيلَ فِي سَبَبِ وُرُودِ هَذَا الْحَدِيثِ «كَانَ

1 / 242