Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
Publisher
مطبعة الحلبي
Edition
بدون طبعة
Publication Year
١٣٤٨هـ
هُمْ الْمُبْتَدِعَةُ أَوْ مُبْتَدِعَةٌ (وَلَا تُخْرِجُهُمْ بِدْعَتُهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ إلَى الْكُفْرِ) أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبِدْعَةٍ إذْ ظَاهِرُهُ هُوَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ لِعِصْيَانِهِ بَلْ اللَّائِقُ عَدَمُ اتِّخَاذِ الْفُسَّاقِ أَوْلِيَاءَ وَأَنْ يَعْرِضَ كُلَّ الْإِعْرَاضِ كَمَا يَعْرِضُ عَنْ الْكُفَّارِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ بَعِيدٌ عَنْ ظَاهِرِهِ وَتَأْوِيلٌ لِجَلْبِ مَفْسَدَةٍ، وَالتَّأْوِيلُ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ.
(وَأَمَّا) (الْمُرْجِئَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ نُرْجِئُ) أَيْ نُفَوِّضُ (أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا نُنْزِلُهُمْ) أَيْ لَا نَحْكُمُ بِأَنَّ لَهُمْ (جَنَّةً وَلَا نَارًا وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ وَنَتَوَلَّاهُمْ) الظَّاهِرُ وَلَوْ فُسَّاقًا (فِي الدِّينِ فَهُمْ عَلَى السُّنَّةِ) فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَوْلِيَاءُ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَيْضًا الْإِعْرَاضُ عَنْ الْفَسَقَةِ، وَالظَّلَمَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [هود: ١١٣] إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ هَذَا بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ (فَالْزَمْ قَوْلَهُمْ، وَخُذْ بِهِ) صِيغَتَا أَمْرٍ.
(وَأَمَّا) (الْخَوَارِجُ) (فَمَنْ لَمْ يَرُدَّ قَوْلَهُمْ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى) وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ (وَكَانَ خَطَؤُهُمْ عَلَى وَجْهِ التَّأْوِيلِ) بِصَرْفٍ عَنْ ظَاهِرِهِ (يَتَأَوَّلُونَ أَنَّ الْأَعْمَالَ) أَيْ الصَّالِحَةَ (إيمَانٌ يَقُولُونَ إنَّ الصَّلَاةَ إيمَانٌ وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ، وَالزَّكَاةُ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْفَرَائِضِ، وَالطَّاعَاتِ) وَلَوْ نَوَافِلُ (فَمَنْ أَتَى بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) وَكَذَا سَائِرُ مَا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِالضَّرُورَةِ (وَ) أَتَى بِفِعْلِ (جَمِيعِ الطَّاعَاتِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الطَّاعَاتِ) الْمَفْرُوضَةِ (كَفَرَ) لِفَقْدِ الْكُلِّ بِفَقْدِ جُزْئِهِ، وَمِنْ الطَّاعَاتِ تَرْكُ الْمَعَاصِي.
وَأَمَّا النَّوَافِلُ فَلَعَلَّهَا مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمُكَمِّلَةِ (وَيَقُولُونَ الزَّانِي يَكْفُرُ حِينَ يَزْنِي وَشَارِبُ الْخَمْرِ يَكْفُرُ حِينَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ) أَخْذًا بِظَوَاهِرِ نَحْوِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» وَ«مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ» (وَكَذَا يَقُولُونَ فِي جَمِيعِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ) فَإِنَّهُ يَكْفُرُ حِينَ فِعْلِهِ (يُكَفِّرُونَ النَّاسَ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ (بِتَرْكِ الْعَمَلِ) مِنْ فِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَتَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ (فَهَؤُلَاءِ تَأَوَّلُوا) الْأَخْبَارَ الشَّرْعِيَّةَ (وَأَخْطَئُوا) فِي تَأْوِيلِهِمْ (فَهُمْ مُبْتَدِعَةٌ) لَيْسُوا بِكَافِرِينَ لِكَوْنِ إكْفَارِهِمْ اغْتِرَارًا بِظَاهِرِ النَّصِّ لَا بِمُجَرَّدِ هَوًى لَكِنْ يَشْكُلُ بِمَا قَالُوا: إنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ تُكَفِّرُنَا فَنُكَفِّرُهُمْ وَأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ بِكَافِرٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ مِنْ الظَّنِّيِّ الَّذِي لَا يُكَفَّرُ جَاحِدُهُ (فَإِيَّاكَ وَقَوْلَهُمْ) وَتَبَاعَدْ وَاحْذَرْ عَنْهُ (وَلَا تَقُلْ بِقَوْلِهِمْ وَاجْتَنِبْهُمْ وَاحْذَرْهُمْ وَفَارِقْهُمْ وَخَالِفْهُمْ) إذْ حَالُ الْمُتَسَنِّنِ مَعَ الْمُبْتَدِعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ
1 / 236