Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
Publisher
مطبعة الحلبي
Edition
بدون طبعة
Publication Year
١٣٤٨هـ
(وَالِاسْتِخْفَافِ بِالشَّرِيعَةِ) كُفْرٌ أَيْضًا أَيْ تَخْفِيفُهَا وَكَذَا اسْتِهْزَاؤُهَا وَفُسِّرَ بِعَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِأَحْكَامِهَا وَإِهَانَتِهَا وَاحْتِقَارِهَا، وَنَقَلَ عَنْ الْبَحْرِ الرَّائِقِ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا غَيْرَ نَاوٍ لِلْقَضَاءِ وَغَيْرَ خَائِفٍ مِنْ الْعُقُوبَاتِ يَكْفُرُ.
قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ يَرْتَكِبُ صَغِيرَةً فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ تُبْ فَقَالَ " مِنْ جه كردم تَأْتُو بِهِ مي با يدكردن " يَكْفُرُ.
(وَالْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى) كُفْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (وَالْأَمْنُ مِنْ عَذَابِهِ وَسَخَطِهِ) أَيْ غَضَبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ.
(وَتَصْدِيقُ الْكَاهِنِ) أَيْ الْمُخْبِرِ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ (فِيمَا يُخْبِرُهُ مِنْ الْغَيْبِ كُلُّهُ كُفْرٌ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ، وَالْعُدُولُ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»، وَالْكَاهِنُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ الْكَوَائِنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَعَنْ النَّوَوِيِّ الْكِهَانَةُ ثَلَاثَةٌ
الْأَوَّلُ: لِلْإِنْسَانِ وَلِيٌّ يُخْبِرُهُ بِمَا يَسْتَرِقُ مِنْ السَّمْعِ مِنْ السَّمَاءِ هَذَا بَطَلَ بِبَعْثِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الثَّانِي: أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا يَطْرَأُ أَوْ يَكُونُ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَمَا خَفِيَ عَنْهُ مِمَّا قَرُبَ أَوْ بَعُدَ أَنْكَرَهُمَا الْمُعْتَزِلَةُ وَبَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِادِّعَاءِ الِاسْتِحَالَةِ
الثَّالِثُ: الْمُنَجِّمُونَ، وَالْكَذِبُ فِيهِ أَغْلَبُ وَمِنْهُ الْعَرَّافَةُ اسْتِدْلَالٌ بِالْأَسْبَابِ، وَالْمُقَدِّمَاتِ كُلُّهَا كِهَانَةٌ، وَالشَّرْعُ أَكْذَبَ الْكُلَّ انْتَهَى.
لَا يَخْفَى خَفَاءُ الْكُفْرِ فِي الْكِهَانَةِ عَلَى هَذِهِ التَّفَاسِيرِ، وَأَيْضًا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ حُجِبَتْ عَنْهُ التَّوْبَةُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَإِنْ صَدَّقَهُ بِمَا قَالَ كَفَرَ» .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ إنْ صَدَّقَ فِي دَعْوَاهُ الْغَيْبَ يَكْفُرُ حَقِيقَةً وَإِلَّا فَكُفْرَانُ نِعْمَةٍ لَا يَخْفَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْن الْحَقِيقَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ نَعَمْ جَائِزٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ إتْيَانُ الْكَاهِنِ شَدِيدُ التَّحْرِيمِ حَتَّى فِي السَّابِقَةِ قَالَ فِي السِّفْرِ الثَّانِي مِنْ التَّوْرَاةِ لَا تَتْبَعُوا الْعَرَّافِينَ، وَالْقَافَةِ وَلَا تَنْطَلِقُوا إلَيْهِمْ وَلَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ لِئَلَّا تُنَجَّسُوا بِهِمْ.
وَفِي السِّفْرِ الثَّالِثِ: مَنْ تَبِعَهُمْ وَضَلَّ بِهِمْ أُنْزِلُ بِهِ غَضَبِي وَأُهْلِكُهُ مِنْ شَعْبِهِ انْتَهَى، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ السَّعْدِ الِاسْتِدْلَال بِالْأَمَارَةِ عِنْدَ إمْكَانِهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْفَتَاوَى أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ عِنْدَ رُؤْيَةِ هَالَّةِ الْقَمَرِ يَكُونُ مَطَرٌ مُدَّعِيًا عِلْمَ الْغَيْبِ لَا بِعَلَامَةٍ كُفْرٌ.
قَالَ فِي بَحْرِ الْكَلَامِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ لِلَّهِ عَادَةً جَمِيلَةً فِي تَكْذِيبِ الْمُنَجِّمِينَ» وَقَدْ قِيلَ الْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ، وَالْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ، وَالسَّاحِرُ كَالْكَافِرِ فِي النَّارِ، لَعَلَّ الْكُفْرَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ لَا الِاعْتِقَادِ عَلَى الشَّكِّ بَلْ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَالَ فِي التتارخانية) كَأَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الِاعْتِقَادِيَّاتِ مِنْ حَيْثُ الْإِثْبَاتُ أَرَادَ بَيَانَ أَحْكَامِهَا مِنْ حَيْثُ النَّفْيُ، وَالْإِنْكَارُ (مَنْ قَالَ بِحُدُوثِ صِفَةٍ) الظَّاهِرُ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ كَالْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ (مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى) خِلَافًا لِلْكَرَامِيَّةِ فِي حُدُوثِ جَمِيعِ الصِّفَاتِ (فَهُوَ كَافِرٌ) لِإِثْبَاتِ النَّقْصِ لَهُ تَعَالَى
1 / 224