168

Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Publisher

مطبعة الحلبي

Edition

بدون طبعة

Publication Year

١٣٤٨هـ

فِي وَقْتٍ مَا مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَسَاوِيهِمْ مَعَ الْإِنْسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ.
(وَالْعَالَمُ) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا سِوَى اللَّهِ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ الصَّانِعُ فَالصِّفَاتُ لَيْسَتْ مِنْ الْعَالَمِ لِعَدَمِ عَيْنِ الذَّاتِ وَأَمَّا مَا يُقَالُ عَالَمُ الذَّاتِ وَعَالَمُ الصِّفَاتِ فَتَجَوُّزٌ أَوْ اصْطِلَاحُ الْمُتَصَوِّفَةِ (بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ) مِنْ السَّمَوَاتِ وَمَا فِيهَا وَالْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهَا (وَصِفَاتِهِ) كَالْأَعْرَاضِ وَالتَّرْكِيبِ وَالْبَسَاطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (وَلَوْ أَفْعَالَ الْعِبَادِ) مُكَلَّفِينَ وَغَيْرِهِمْ إنْسَانًا (خَيْرَهَا وَشَرَّهَا) خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ (حَادِثٌ) مُخْرَجٌ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ بِمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ مَعْدُومًا فَوُجِدَ خِلَافًا لِلْفَلَاسِفَةِ وَدَلِيلُهُ الْمَشْهُورُ هُوَ التَّغَيُّرُ يَعْنِي الْعَالَمُ حَادِثٌ لِأَنَّهُ مُتَغَيِّرٌ لَكِنْ قَالَ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِي: الْعَالَمُ إمَّا أَعْيَانٌ أَوْ أَعْرَاضٌ وَالْكُلُّ حَادِثٌ أَمَّا الْأَعْرَاضُ فَبَعْضُهَا بِالْمُشَاهَدَةِ كَالْحَرَكَةِ بَعْدَ السُّكُونِ وَالضَّوْءِ بَعْدَ الظُّلْمَةِ وَالسَّوَادِ بَعْدَ الْبَيَاضِ وَبَعْضُهَا بِالدَّلِيلِ وَهُوَ طَرَيَان الْعَدَمِ كَمَا فِي أَضْدَادِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْأَعْيَانُ فَلِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ الْحَوَادِثِ وَكُلُّ مَا لَا يَخْلُو عَنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ إلَى آخِرِ مَا فَصَّلَهُ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ (بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ إيجَادِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَالْخَلْقُ التَّقْدِيرُ وَالْخَالِقُ فِي صِفَاتِهِ تَعَالَى الْمُبْدِعُ لِلشَّيْءِ الْمُخْتَرِعِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَالْمَعْنَى بِإِيجَادِ ذَاتِ وَاجِبِ وُجُودِهِ بِحَيْثُ لَهُ اسْتِغْنَاءٌ مُطْلَقٌ عَنْ الْكُلِّ (لَا خَالِقَ غَيْرُهُ) إذْ يَجِبُ كَوْنُ مُحْدِثِ الْعَالَمِ وَاجِبًا لِذَاتِهِ وَإِلَّا يَلْزَمُ تَرَجُّحُ الْمُسَاوِي إذْ لَا تَفَاوُتَ فِي الْإِمْكَانِ الْأَصْلِيِّ فِي جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ فَلَوْ تَعَيَّنَ بَعْضُهَا لِلْعِلِّيَّةِ بِلَا سَبَبٍ خَارِجٍ يَلْزَمُ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ خَارِجٍ عَنْ الْإِمْكَانِ فَهُوَ الْوَاجِبُ وَأَيْضًا عَرَفْت فِيمَا مَرَّ مَا يَصْلُحُ دَلِيلًا لِهَذَا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢] وَعَرَفْت مَا قِيلَ: أَنَّهَا إقْنَاعِيَّةٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ.
وَأَيْضًا أَشَارَ إلَى كَوْنِهَا بُرْهَانِيَّةً الْمُحَقِّقُ الدَّوَانِيُّ وقَوْله تَعَالَى - ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣]- (وَتَقْدِيرِهِ) عُطِفَ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ فِي بِخَلْقِ اللَّهِ قِيلَ: عَنْ الصِّحَاحِ التَّقْدِيرُ وَالْقَدَرُ بِالتَّحْرِيكِ وَبِالسُّكُونِ هُوَ مَا يُقَدِّرُهُ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ.
وَقَالَ السَّعْدُ: هُوَ تَحْدِيدُ كُلِّ مَخْلُوقٍ بِحَدِّهِ الَّذِي يُوجَدُ عَلَيْهِ مِنْ حُسْنٍ وَقُبْحٍ وَنَفْعٍ وَضَرٍّ وَمَا يَحْوِيهِ مِنْ زَمَانٍ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ ثَوَابٍ وَعِقَابٍ (وَعِلْمِهِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ [الحشر: ٢٢] وَقَدْ عَرَفْت دَلَالَةَ الْأَفْعَالِ الْمُتْقَنَةِ عَلَى عِلْمِ خَالِقِهَا (وَإِرَادَتِهِ وَقَضَائِهِ) وَهُوَ حُكْمُهُ الْأَزَلِيُّ بِكُلِّ مَا قَدَّرَهُ فِي الْأَزَلِ.
وَفِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ أَنَّ قَضَاءَهُ تَعَالَى هُوَ إرَادَتُهُ الْأَزَلِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِيمَا لَا يُزَالُ وَقَدَرَهُ إيجَادُهُ إيَّاهَا عَلَى قَدَرٍ مَخْصُوصٍ وَتَقْدِيرٍ مُعَيَّنٍ

1 / 168