Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
Publisher
مطبعة الحلبي
Edition
بدون طبعة
Publication Year
١٣٤٨هـ
الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ قَالَ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ زُبْدَةُ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالسَّائِرُ كَالْعَارِضِ فَاقْصِدْ بِالْمَقْصِدِ الْأَقْصَى وَالْمُسْنَدِ الْأَعْلَى وَالْمَقَامِ الْأَسْنَى وَالْحَالَةِ الْمُوجِبَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقْبَى انْتَهَى فَصَاحِبُ هَذَا الْمَقَامِ يَقْصِرُ الْعِبَادَةَ الظَّاهِرَةَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ الْمُؤَكَّدَاتِ لِاشْتِغَالِهِ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ الشُّهُودُ وَالْحُضُورُ بِاَللَّهِ فَيَتْرُكُ بَعْضَ الْقَاصِرِينَ مَا تَرَكَهُ اقْتِدَاءً بِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَيَصِيرُ زِنْدِيقًا أَيْ كَزِنْدِيقٍ فِي عَدَمِ مُبَالَاةِ الْفَضَائِلِ وَالنَّوَافِلِ فَمِنْ قَبِيلِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ كَزَيْدٍ أَسَدٌ وَقِيلَ لِتَرْكِهِ الْعِبَادَةَ الظَّاهِرَةَ يَكُونُ مُسْتَحَقًّا بِدِينِ اللَّهِ فَيَكْفُرُ فَيَكُونُ زِنْدِيقًا حَقِيقَةً وَأَنْتَ تَعْلَمُ فَسَادَهُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ إكْفَارُ كُلِّ تَارِكِي الْعِبَادَةِ الظَّاهِرَةِ سِيَّمَا الْفَضَائِلِ.
(وَمَنْ رَآنِي قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى هَذَا الْمَقَامِ وَهُوَ زَمَانُ كَثْرَةِ الِاشْتِغَالِ بِالْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ لِخُلُوِّ الْبَاطِنِ مِنْ لَمَعَاتِ الْبَوَارِقِ الْإِلَهِيَّةِ (صَارَ صِدِّيقًا) لِاقْتِدَائِهِ بِهِ وَمُجَاهَدَتِهِ فِي الطَّاعَاتِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَقَامِ الصِّدِّيقِينَ، فَإِنَّهُمْ الَّذِينَ صَعِدَتْ نُفُوسُهُمْ تَارَةً بِمَرَاقِي النَّظَرِ فِي الْحُجَجِ وَالْآيَاتِ وَأُخْرَى بِمَعَارِجِ التَّصْفِيَةِ وَالرِّيَاضَاتِ أَوْجَ الْعِرْفَانِ حَتَّى اطَّلَعُوا عَلَى الْأَشْيَاءِ وَأَخْبَرُوا عَنْهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ.
(حَيْثُ كَانَ فِي نِهَايَةٍ يَقْتَصِرُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ) الْمُؤَكَّدِ وَيَتْرُكُ سَائِرَ الْفَضَائِلِ وَالنَّوَافِلِ (وَيَأْكُلُ) يَعْنِي لَا يَدُومُ بِالصِّيَامِ (وَيَشْرَبُ وَيَنَامُ) بِلَا إحْيَاءِ اللَّيَالِيِ بِالصَّلَوَاتِ وَالتَّهَجُّدَاتِ كَمَا هِيَ وَظَائِفُ أَوَّلِ الْحَالَاتِ (كَالْعَوَامِّ) مِنْ حَيْثُ ظَاهِرُهُ وَلِذَا قِيلَ لَا يَضُرُّ الْعَارِفَ قِلَّةُ الْعَمَلِ إذْ يَكُونُ سَيْرُهُ قَلْبِيًّا وَلَا تَظُنَّنَّ هُنَا سُقُوطَ التَّكْلِيفِ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَإِنَّهُ إلْحَادٌ وَكُفْرٌ بِلَا كَلَامٍ بَلْ قَدْ عَرَفْت أَنَّ مُتَارَكَتَهُمْ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْفَضَائِلِ لَا الْوَاجِبَاتِ وَلَا السُّنَنِ وَعَرَفْت أَيْضًا أَنَّ مُتَارَكَتَهُمْ الْفَضَائِلَ لَيْسَ لِاعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ النَّفْعِ وَلَا الْكَسَلَ بَلْ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالْأَكْمَلِ مِنْهَا وَلِأَنَّهُمْ قَدْ حَصَلَ لَهُمْ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا.
(وَفِي بِدَايَتِهِ يَجْتَهِدُ) غَايَةَ الِاجْتِهَادِ (وَيَرْتَاضُ) بِأَنْوَاعِ الرِّيَاضَاتِ (فَمَنْ رَأَى اجْتِهَادَهُ يَجْتَهِدُ كَاجْتِهَادِهِ حَتَّى يَصِيرَ صِدِّيقًا وَمَنْ رَآهُ فِي نِهَايَتِهِ) النِّهَايَةُ إضَافَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَنْ يَنْتَهِيَ مُنْتَهَاهُ فِيهَا لَيْسَ فِي الدُّنْيَا فَقَطْ بَلْ فِي الْآخِرَةِ وَالْجَنَّةِ أَيْضًا (يُنْكِرُهَا الِاجْتِهَادُ) بِالْفَضَائِلِ الظَّاهِرَةِ (وَالطَّرِيقَةُ أَصْلًا) مِنْ أَصْلِهَا الْمَأْخُوذَةُ عَنْ صَدْرِ السَّعَادَةِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّابِتَةِ بِأَسَانِيدِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ أَعْدَلِ الْأَسَانِيدِ وَأَزْكَاهَا (فَيُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ)
1 / 153