رابعا: إن الابتداع (اتباع للهوى لأن العقل إذا لم يكن متبعا للشرع لم يبق له إلا الهوى والشهوة؛ وأنت تعلم ما في أتباع الهوى وأنه ضلال مبين.
ألا ترى قول الله تعالى: { يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق
ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد
بما نسوا يوم الحساب } ]ص: 26[.
فحصر الحكم في أمرين لا ثالث لهما عنده، وهو الحق والهوى، وعزل العقل مجردا إذ
لا يمكن في العادة إلا ذلك.
وقال: { ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه } ]الكهف:28[ فجعل الأمر محصورا بين أمرين ، اتباع الذكر؛ واتباع الهوى، وقال: { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } ]القصص:50[) (¬1) .
وقال الله عز وجل: { ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهوآء الذين
لا يعلمون } ]الجاثية:18[.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنا خطا، ثم قال:
{ هذا سبيل الله } ، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال: { هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه } وقرأ: { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } " رواه احمد والحاكم (¬2) .
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:"إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأمر" أخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1/96).
Page 9