"قد ثبت وجوب اتباع السلف رحمة الله عليهم بالكتاب والسنة والإجماع، والعبرة دلت عليه؛فإن السلف لا يخلوا من أن يكونوا مصيبين أو مخطئين،فإن كانوا مصيبين؛وجب اتباعهم؛ لأن اتباع الصواب واجب وركوب الخطأ حرام، ولأنهم إذا كانوا مصيبين كانوا على الصراط المستقيم ومخالفهم متبع لسبيل الشيطان الهادي إلى صراط الجحيم، وقد أمر الله تعالى باتباع سبيله وصراطه، ونهى عن اتباع ما سواه، فقال: { وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } ]الأنعام:153[.
وإن زعم زاعم أنهم مخطئون؛ كان قادحا في حق الإسلام كله؛ لأنه إن جاز أن يخطئوا
في هذا؛ جاز خطؤهم في غيره من الإسلام كله، وينبغي أن لا تنقل الأخبار التي نقلوها،
ولا تثبت معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - التي رووها، فتبطل الرسالة، وتزول الشريعة ولا يجوز لمسلم أن يقول هذا أو يعتقده".
إذن؛ "الطريق الوحيد للخلاص من البدع وآثارها السيئة هو الاعتصام بالكتاب والسنة
اعتقادا وعلما وعملا" محوطا ذلك كله بالاهتداء بهدي السلف وفهمهم ونهجهم وتطبيقهم
لهذين الوحيين الشريفين؛ فهم - رحمهم الله - أعظم الناس حبا وأشدهم اتباعا، وأكثرهم حرصا، وأعمقهم علما، وأوسعهم دراية.
بهذا الطريق - وحسب - يتمسك المسلم بدينه مبرءا من كل شائبة، بعيدا عن كل محدثة ونائبة.
ف { عضوا عليه بالنواجذ } ؛ تهتدوا وترشدوا.
وهذا الطريق يسير على من يسره الله له، وسهل على من سهله الله عليه، لكنه يحتاج إلى جهود علمية ودعوية متكاتفة متعاونة، ساقها الصدق، وأساسها الحب والأخوة - بعيدا عن أي حزبية أو تكتل أو تمحور -، ومنطلقها العمل بأمره تعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى
ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ]المائدة:2[.
Page 57