"... فأما ما اتفق السلف على تركه؛ فلا يجوز العمل به؛ لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه
لا يعمل به".
وللشيخ العلامة الشنقيطي في "أضواء البيان" (6/317-320) مبحثا ماتعا في أن الترك فعل؛ فهذا يؤكد أن "الترك سنة" ، إذ تعريف السنة أنها: "ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ".
فتمام اتباع السنة يكون بترك ما ورد تركه، وفعل ما ورد فعله، وإلا فباب البدعة يفتح؛ عياذا بالله تعالى.
ولابن القيم - رحمه الله - تفصيل بديع ماتع فيما نقله الصحابة رضي الله عنهم لتركه - صلى الله عليه وسلم - ؛ قال رحمه الله :"أما نقلهم لتركه؛ فهو نوعان، وكلاهما سنة:
أحدهما: تصريحهم بأنه ترك كذا وكذا ولم يفعله؛ كقوله في شهداء أحد:"ولم يغسلهم،
ولم يصل عليهم"؛ وقوله في صلاة العيد:"لم يكن أذان، ولا إقامة، ولا نداء"، وقوله في جمعه - صلى الله عليه وسلم - بين الصلاتين: "ولم يسبح بينهما ولا على إثر واحدة منهم" ... ونظائره.
والثاني: عدم نقلهم لما لو فعله؛ لتوفرت هممهم ودواعيهم، أو أكثرهم أو واحد منهم، على
نقله، فحيث لم ينقله واحد منهم ألبتة، ولا حدث به في مجمع أبدا؛ علم أنه لم يكن ... ".
ثم ذكر رحمه الله عدة أمثلة على ذلك منها: تركه - صلى الله عليه وسلم - التلفظ بالنية عند دخول الصلاة، وترك الدعاء بعد الصلاة على هيئة الاجتماع ... وغير ذلك، ثم قال:
" ... ومن ها هنا يعلم أن القول باستحباب ذلك خلاف السنة؛ فإن تركه - صلى الله عليه وسلم - سنة كما أن فعله سنة، فإذا استحببنا فعل ما تركه؛ كان نظير استحبابنا ترك ما فعله، ولا فرق ") (¬1) .
تنبيه: قال الشيخ علي الحلبي - حفظه الله - في "علم أصول البدع" (ص114- 118):
Page 51