ألا ترى مثلا أن الأذان للعيدين ولدفن الميت مع كونه ذكرا وتعظيما لله عز وجل لم يجز التقرب به إلى الله عز وجل، وما ذاك إلا لكونه سنة تركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقد فهم هذا المعنى أصحابه - صلى الله عليه وسلم - ، فكثر عنهم التحذير من البدع تحذيرا عاما؛ كما هو مذكور في موضعه" .
ولتقرير قاعدة السنة التركية أقول: أصل قاعدة (السنة التركية) مأخوذ من عدة أدلة؛ منها:
حديث الثلاثة نفر الذين جاؤوا إلى أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ... الخ وقد ذكرته فيما سبق.
فقد أنكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم، ورد فعلهم، مع أن أصل العبادات التي أرادوا القيام بها مشروعة، ولكن لما كانت الكيفية والصفة التي قام بها هؤلاء الثلاثة في هذه العبادات ( متروكة) في تطبيق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغير واردة فيه، أنكر ذلك عليهم.
فهذه ترجمة عملية منه - صلى الله عليه وسلم - لقوله - صلى الله عليه وسلم - : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا (ولم يقل من عمل عملا عليه نهينا) فهو رد } .
فهذا عمل مشروع الأصل، لكن ليس عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهديه، فهو مردود على صاحبه، غير مقبول منه.
وخلاصة القول: "إن الترك - مع حرصه عليه السلام على إحراز فضيلة النفل - دليل الكراهة" كما قاله الإمام العيني كما في "إعلام أهل العصر" للعظيم آبادي (ص95) ومن أمثلة ذلك ما سبقت الإشارة إليه في أول هذا المبحث: الأذان لصلاة العيد:
فالأذان مشروع في أصله، لكن لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه، وتركوه، فتركهم له سنة يجب اتباعهم فيها.
وكذا الأذان للاستسقاء والجنازة ونحوهما.
فمن فعل من التعبديات والقربات ما تركوه؛ فقد واقع البدعة، وتلبس بها.
قال الحافظ ابن رجب في "فضل علم السلف" (ص31):
Page 50