( والحاصل من جميع ما ذكر فيه قد وضح منه أن البدع لا تنقسم إلى ذلك الانقسام
بل هي من قبيل المنهي عنه إما كراهة وإما تحريما) (¬1) .
الشبهة الحادية عشر: يقول البعض: إن ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - للفعل لا يدل على التحريم إلا إذا جاء في ذلك دليل صريح، فكيف يحتج على إنكار البدع الحسنة - حسب زعمهم - بحجة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك؟
الجواب:
(أولا: أن الله تعالى قال فيما امتن به على عباده: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } ]المائدة:3[ وفي هذه الآية دليل على أنه لا يجوز إحداث البدع لأنها ليست من الدين الذي أكمله الله تعالى لهذه الأمة في حياة نبيها ورضيه لهم.
ثانيا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: { إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتتن وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة } قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: { ما أنا عليه وأصحابي } رواه الترمذي (¬2) وهذا الحديث يدل على أن إحداث البدع لا يجوز لأنها من الأعمال التي لم يكن عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم) (¬3) .
ثالثا: ("من المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادة مزعومة لم يشرعها لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله، ولم يتقرب هو بها إلى الله بفعله، فهي مخالفة لسنته.
لأن السنة على قسمين: سنة فعلية، وسنة تركية.
فما تركه - صلى الله عليه وسلم - من تلك العبادات؛ فمن السنة تركها.
Page 49