( يقول الله تعالى ممتنا على عباده: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } ]المائدة: 3[.
فهذه الآية الكريمة تدل على تمام الشريعة وكمالها، وكفايتها لكل ما يحتاجه الخلق الذين أنزل الله قوله فيهم: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ]الذاريات: 56[.
يقول الإمام ابن كثير - رحمه الله - في "تفسيره" (2/19):
"هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين
إلا ما شرعه".
فأي إحداث أو ابتداع إنما هو استدراك على الشريعة، وجرأة قبيحة ينادي بها صاحبها أن الشريعة لم تكف، ولم تكتمل!، فاحتاجت إلى إحداثه وابتداعه!!
وهذا ما فهمه تماما أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة من بعدهم؛ فقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:"اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة" (¬1) .
وروى البخاري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه انه قال:"يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا، فإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا".
وخلاصة القول: "إن المستحسن للبدع يلزمه عادة أن يكون الشرع عنده لم يكمل بعد،
فلا يكون لقوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم } معنى يعتبر به عندهم" (¬2) .
Page 3