فقالت بجرأة غريبة: لدي إيراد خاص لا بأس به.
فقال بسذاجة: ممكن أحتفظ بنصف معاشي إذا توظف ابني وابنتي في القريب العاجل.
هكذا انحرف الحديث إلى «الشرع» وقذف بحامد برهان إلى حياة جديدة لم تجر له في خاطر، ورجع إلى حلوان وهو يقول لنفسه: أدرك الآن معنى أن يغلب إنسان على أمره!
أي قنبلة انفجرت في صدر سنية المهدي والزوج المستأنس المحب البكاء يقف بين يديها حاني الظهر مغروز العينين في البساط القديم المنجرد وهو يقول: إنه أمر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله!
استيقظت من كهفها على صدمة كهربائية مزلزلة: ماذا يقول الرجل الممسوس؟ - تزوجت، إنها محنة، ولكنك ستظلين الزوجة والأم!
إذن فأي شيء يمكن أن يحدث. - إنك مجنون ولا شك!
وكعادته عند غلبة الانفعال دمعت عيناه. استمسكت هي بمظهرها الرزين المجلل بذهول غامض. كرهت دموعه واحتقرتها وتردت بيقين في هاوية. وثبت بها دفعة مباغتة لصفعه ولكنها لم تفعل. كظمت دوامتها بسلك صلب. أمرت قلبها بأن ينكسر وحده وفي صمت جليل وبأن يتشرب أشنع الآلام كما لو كانت ماء عذبا. قال بصوت رجل آخر: لن يفصل بيننا شيء.
عند ذاك هتفت به: لا ترني وجهك أبدا.
وتلقى محمد ومنيرة الخبر، فصاح محمد: يا خبر أسود!
أما منيرة فلم تنبس ثم أفحمت في البكاء. وقف قلباهما وراء أمهما وأدانا أباهما دون قيد أو شرط.
Unknown page