فهتف محمد: الله أكبر!
إنها رغبة مبهمة لم تتبلور في هدف محدد، ولكنه دخل في دين الإسلام بالنية والعمل معا. صلى وعزم على الصيام والزكاة ومضى يقرأ القرآن والبخاري ويزداد تقبلا لقدره ورضا عنه. وهو سعيد باشتراكه في النصر والتضحية والبطولة، وهيهات أن تنغص عليه صفوه الكوابيس التي تنتاب نومه أحيانا أو صور الشهداء التي تلم بخياله أحيانا أخرى. ويتساءل: لم تعذر على الإنسان أن يعيش حياة سعيدة في هذه الدنيا؟!
ثم تساءل في حيرة: هل أجد عروسا ترضى بي زوجا؟!
وصاحب ذلك ميل المؤشر من الشرق إلى الغرب وانبثاق دعوة مصرة إلى الانفتاح، مع تفجر حملة ضارية على الزعيم الراحل فاضت بها الكتب والصحف والمجلات، وبرز في ميدانها المفتوح أعداء وأصدقاء ومحايدون فصارت انتقاما وتشفيا ويقظة واعترافا وتقربا. ووقف جيل الأحفاد منها موقف الدهش والبلبلة، يستوي في ذلك من أقام على ناصريته مثل أمين أو من وافقه مثل سهام، أو من رفض كل شيء مثل علي، أو من آوى إلى عقيدة جديدة مثل شفيق. - ألم يعبدوه بالأمس؟ - ألم يكن القائد والزعيم والمعلم والملهم؟ - أي نفاق وأي خسة وأي جبن! - جيل يستحق التصفية. - من نصدق؟! - أنصدق ما يقال الآن؟! - ليس بلدا ولكنه مرحاض عمومي! - ولم تمر الحملة في لقاء الجمعة دون إثارة؛ لم يعد رشاد يبعث على الرثاء، فقد بات عادة، وعبر هو الأزمة بشجاعة وتطور بها إلى ما هو أفضل؛ لذلك أفصح محمد عن سعادته بالانقضاض على العصر الناصري؛ قال: ليعلم من لم يكن يعلم، ولينتبه من فقد وعيه!
فتساءلت منيرة: هل ننسى القضاء على النظام الملكي، والجلاء، والإصلاح الزراعي، والتأميم، وتمصير الاقتصاد، والقومية العربية؟!
فقال محمد متهكما: سيعترف له المستقبل بفضل واحد باعتباره منشئ الإمبراطورية الإسرائيلية!
فسألته منيرة بمرارة: أتدري ما يقول الشباب؟ - إنك تقصدين الناصريين وحلفاءهم من الملاحدة، أما غالبية الشباب فبخير وعافية، وهي تعرف سبيلها كما تعرف ربها.
واشترك رشاد في الحديث قائلا: لكل عهد إيجابياته وسلبياته، ومهمة الأحرار أن يؤيدوا الإيجابيات ويحاربوا السلبيات.
فقالت سنية:
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
Unknown page