والديَّ قبلي وخلقتني بعدهما فآنستني بقربهما ما شئت ثم أوحشتني منهما إذ شئت اللهم فكن لي منهما مؤنسًا وكن لي بعدهما حافظًا قال فقلت يا صبية أعيدي لفظك فلم تسمع ومرت في كلامها ثم أعدت عليها فنظرت ثم قالت يا شيخ والله ما أنا لك بمحرم فتحادثني محادثة أهلك أهلك أولى بك قال فاستخفيت بين القبور مستحيًا مما قالت لي ثم سألت عنها فإذا هي أيم فأتيت صديقًا لي فقلت له هل لك في أن يلم الله شعثك ويقر عينك قال وما ذاك قال فوصفت له الجارية وما رأيت من عقلها وسمعت من كلامها فقلت له أبغض من مالك عشرة آلاف درهم فإني أرجو أن تكون أحمد ما لك عاقبة قال فقال قد فعلت فخرجنا جميعًا أنا وهو حتى أتينا الخباء فإذا نحن بعمها فعرضنا عليه ذلك فقال يا هؤلاء والله ما لنا في أمورنا ولا أنفسنا شيء معها فكيف فيها ولكن اعرضوا عليها ما وصفتم ثم دخل الخباء فقال ها هي ذه قد خرجت تسمع ما تقولون قال فجلست خلف سجف لها ثم قالت اللهم حي العصابة بالسلام واجزل لهم الثواب في دار المقام قل يا عم فأقبل عليها عمها فقال أي مفداة هذا عمك ونظير أبيك وقد خطبك علي ابن عمك نظيرك وقد بذل لك من الصداق عشرة آلاف درهم قال فأقبلت عليه فقالت يا عم أضرت بك الحاجة حتى طمعت طمعًا أخلّ بمرؤتك أتزوجني غلامًا حضريًا يغلبني بفطنته ويصول عليّ بمقدرته ويمنن عليّ بتفضله ويقول ياهنه بنت الهنة كلا إن الله واسعٌ كريم قال فرجعنا والله مدحوضي الحجة مردودين عن الحاجة " وقال الأصمعي " عن أبان بن تغلب قال سمعت امرأة توصي ابنًا لها وأراد سفرًا فقالت أي بني أوصيك بتقوى الله فإن قليله أجدى عليك من كثير عقلك وإياك والنمائم فإنها تورث الضغائن وتفرق بين المحبين ومثل لنفسك مثال ما تستحسن لغيرك ثم اتخذه إمامًا وما تستقبح من غيرك فاجتنبه وإياك التعرض للعيوب فتصير نفسك
1 / 57