وأما جابر، ففي مسلم من طريق أبي نضرة عنه: "فعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم نهانا عنها عمر فلم نعد لها"، وفي رواية: "تمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبي بكر، وصدر من خلافة عمر"، وفي رواية: "فعلناها".
قال في المنار: "فهذا الذي حمل ابن حزم على قوله: ورواه جابر عن الصحابة، اغتر بضمير الجمع في قوله: "فعلناها"، وهو يسوغ لجابر أن يكون قال ذلك لفعلهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لم يبلغه النسخ حتى نهى عمر عنها، واعتقد أن الناس باقون على ذلك، لعدم الناقل عنه عنده، وقال أيضا: وما ذكر عن جماعة من الصحابة أنهم ثبتوا عليها، فمحمول على أنهم رأوا ذلك إذ لم يرو عن أحد أنه فعلها" انتهى. والمراد ممن يعتد بفعله منهم لما سيأتي أنه قد فعلها البعض.
وقال البيهقي بعد إيراده لحديث جابر هذا: "ونحن لا نشك في كونها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لكنا وجدناه نهى عن نكاح المتعة عام الفتح بعد الإذن فيه، ثم لم نجده أذن فيه بعد النهي عنه، حتى مضى لسبيله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان نهي عمر عن نكاح المتعة موافقا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذنا به، ويبين أن عمر إنما نهى عن نكاح المتعة؛ لأنه علم نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه ما روي من طريق سالم بن عبدالله عن أبيه، عن عمر بن الخطاب قال: صعد عمر المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال رجال ينكحون هذه المتعة، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها، لا أوتى بأحد نكحها إلا رجمته" انتهى.
Page 10