188

Al-Baḥr al-Mutawassiṭ: maṣāʾir baḥr

البحر المتوسط: مصاير بحر

Genres

34

يكن الرب تاركا إياه لا ريب.

والواقع أن جميع هؤلاء المغامرين كانوا ذوي مبدأ عن الدولة كآل فيسكونتي، وقد حركهم البابا يوليوس الثاني في بضع سنين بوغي الحرب: «أخرجوا الأجانب!» وقد كتب النصر في نهاية الأمر للشعور القومي الإيطالي والحلف الجديد الذي عقده البابا مع إسبانية والبندقية على ملوك ألمانية وفرنسة، ومع ذلك فإن المجمع الديني الذي عقد بعد النصر عجز عن توحيد إيطالية؛ أي عن القيام بأمر لم يحقق إلا بعد ثلاثة قرون ونصف قرن.

ولم تسطع المثل القومية العليا، ولا المبادئ الدينية، أن تثير رجال عصر النهضة إثارة قاطعة، وعاد هؤلاء الرجال لا يبالون أن يكون الأمر قبضة غلفي أو غبلي، ولا أن تحالف فرارة فلورنسة، ولا أن يكون السويسريون أو الرومانيول

35

حماة البابا، ولا أن يبدي السلطان نشاطا بالغا تجاه البحر المتوسط، وما يملأ كتب التاريخ حتى اليوم من هذه الحوادث لا يثير اكتراثنا كثيرا. والحق أن هذا الدور أنعم علينا في حقل آخر بنماذج خالدة حول حياتنا اليومية، أنعم علينا بدروس في فن الحياة.

ويلخص صديق لوران المديسيسي المتصوف بيك الميراندولي، في رسالته «كرامة الإنسان»، اعتقاد ذلك العصر بقوله على لسان الرب لآدم:

لقد وضعتك في وسط هذا العالم ليسهل عليك أن ترى ما حولك فتبصر ما يوجد ضمن حدوده، ولقد خلقتك شخصا فانيا وغير فان حتى تكون نفسك طليقا وتربي نفسك بنفسك، ويمكنك أن تصير مثل الرب، وتأتي الحيوانات معها بما تحتاج إليه منذ خروجها من بطون أمهاتها، ويكون ذوو النفوس العالية منذ البداءة ما يكونونه في سواء الأبدية، وأنت وحدك تقدر على إنماء نفسك وفق إرادتك الحرة.

13

من الصعوبة الكبيرة أن يشخص عصر النهضة في رجل بارز كبركلس أو أغسطس أو جوستينيان أو فردريك الثاني، ولم يكن لوران المديسيسي بألمعيته وبهاء بلاطه غير ربيع مبشر بالصيف، ولم يبدأ عصر النهضة إلا بعد موته. وكان إسكندر بورجيا على شيء من البربرية على الرغم من كل أمر، وكان البابا ليون العاشر والكريم يوليوس الثاني وفرديناند الأول رجالا مركزيين كأولياء أمر، وكان لودوفيك سفورزا مغامرا ناضرا، وكان سزار بورجيا قائدا ذهنيا، وكان مكيافلي فيلسوف زمنه، وكان تيسيان ألمع متفنني عصره، وكان ميكل أنجلو أكثرهم تنوعا.

Unknown page