Baḥr al-madhhab (fī furūʿ al-madhhab al-Shāfiʿī)
بحر المذهب (في فروع المذهب الشافعي)
Editor
طارق فتحي السيد
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
٢٠٠٩ م
Genres
جميع بدنه بما] قل عن صاع، ولا المتوضئ أن يسبغ أعضاء وضوءه بأقل من مد. ويحكى هذا عن أبي حنيفة. وهذا غلط لما روى عن عبد الله بن زيد أن النبي ﷺ توضأ بثلثي مد وقالت أم عمار: أتى رسول الله ﷺ بإناء فيه ثلثا مد فتوضأ به. وروى أنه كان يتوضأ بما لا يبل الثري من تحته، وهذا إشارة إلى رفقه واستغلاله. وروى أبو أمامة أن النبي ﷺ توضأ بنصف مد. وروى عن عبد الرحمن بن أبي لبيئة سمع سعيد بن المسيب، ورجل من أهل العراق يسأله عما يكفي الإنسان من غسل الجنابة، فقال سعيد: إن لي نورًا يسع مدين
من ماء أو نحو ذلك، فأغتسل به فيكفيني مني فضل، فقال الرجل: إني لأستنثر أتمضمض بمدين من الماء، فقال له سعيد: فما تأمرني إن [١٣٧ أ/ ١] كان الشيطان يلعب بك؟ فقال الرجل: فكم يكفيني؟ فإني رجل كما ترى عظيم، فقال له سعيد: ثلاثة أمداد. فقال: إن ثلاثة أمداد قليل، فقال له سعيد: فصاع، فقل سعيد: إن لي لركوة وقدحًا ما يسع إلا نصف مد أو نحوه، ثم أبول فأتوضأ منه وأفضل فضلًا، فقال عبد الرحمن: فذكرت هذا الحديث الذي سمعته من سعيد بن المسيب لسليمان بن يسار فقال لي سليمان: وأنا مثل ذلك، فذكرت ذلك لأبي عبيدة بن عمار وياسر فقالوا: هكذا سمعنا من أصحاب رسول الله ﷺ وقال بعض أصحابنا: صاع الجنابة ثمانية أرطال وثلث، والمد رطل وثلث.
باب التيمم
قال: قال الله تعالى: ﴿وإن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء:٤٣] الآية.
وهذا كما قال، وجملة ذلك أن التيمم في اللغة: هو القصد فقال: تيممت ثلاثًا: أي قصدته، وكان ابن مسعود- ﵁ يقرأ فأتوا صعيدًا طيبًا.
وقال الشافعي: في "الأم": ولا ينفع اسم الصعيد إلا على تراب ذي غبار.
وقال بعض المفسرين: يقع على التراب وعلى وجه الأرض، وعلى الطريق، والأول أشبه؛ لأن أهل التفسير قالوا في قوله تعالى: ﴿فتصبح صعيدًا [١٣٧ ب/ ١] زلقًا﴾ [الكهف: ٤٠] أي ترابًا أملس وقوله: ﴿طيبًا﴾ أي طاهرًا، وقال سفيان: أراد حلالًا، والأول أشبه، والأصل في التيمم ما روى عن عائشة- ﵂ قالت: كنت مع رسول الله ﷺ في سفر فافتقدت عقدًا لي من جزع ظفار، فسألت رسول الله ﷺ أن يحتبس على ليلته لأطلب عقدي، فاحتبس فأصبح الناس على غير ماء وليس معهم ماء، فأتوا أبا بكر يشكونني فدخل علي ابو بكر ورسول الله ﷺ نائم ورأسه في حجر فقال: يا لكاع حبست رسول الله ﷺ
1 / 179