Bahr Culum
بحر العلوم
[سورة البقرة (٢): آية ٤٧]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧)
قوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ، أي على عالمي زمانهم. وقال بعضهم: من آمن من أهل الكتاب بمحمد ﷺ كانت له فضيلة على غيره وكان له أجران، أجر إيمانه بنبيه- ﵇ وأجر إيمانه بمحمد ﷺ وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال: «ثَلاَثَةٌ يُعْطِيهُم الله الأَجْرَ مَرَّتَيْنِ، مَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأحْسَنَ تَأْدِيبَهَا فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَها، وَعَبْدٌ أَطَاعَ سَيِّدَهُ وَأَطَاعَ الله تَعَالَى، وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ أدرك النبيّ ﷺ فَآمَنَ بِهِ» . وقال بعضهم: معنى قوله وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ بإنزال المن والسلوى وغيره، ولم يكن ذلك لأحد من العالمين غيرهم.
[سورة البقرة (٢): آية ٤٨]
وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)
وقوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْمًا، أي واخشوا عذاب يوم لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا، يعني لا تغني في ذلك اليوم نفس مؤمنة عن نفس كافرة، وذلك أنهم كانوا يقولون: نحن من أولاد إبراهيم خليل الله، ومن أولاد إسحاق والله تعالى يقبل شفاعتهما فينا، فنزلت هذه الآية:
لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا، أي لا تغني نفس مؤمنة عن نفس مؤمنة ولا نفس كافرة عن نفس كافرة. وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ، أي من نفس كافرة يعني لا ينفع فيها شافع ولا ملك ولا رسول لغير أهل القبلة. قرأ ابن كثير وأبو عمرو وَلاَ تقبل بالتاء، لأن الشفاعة مؤنثة وقرأ الباقون بالياء، لأن تأنيثه ليس بحقيقي، وما لم يكن تأنيثه حقيقيًا جاز تذكيره، وكقوله ﷿: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ [البقرة: ٢٧٥] ثم قال تعالى: وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ، أي لا يقبل الفداء من نفس كافرة كما قال في موضع آخر فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا [آل عمران: ٩١]، ويقال: لو جاءت بعدل نفسها رجلًا مكانها لا يقبل منها. وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ، يقول: ولا هم يمنعون من العذاب.
[سورة البقرة (٢): آية ٤٩]
وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩)
وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، إنما خاطبهم وأراد به آباءهم، لأنهم يتبعون آباءهم فأضاف إليهم. ومعناه واذكروا إذ نجيناكم من قوم فرعون يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ أي
1 / 50