وفي رجبها مات القاضي أحمد بن علي العنسي الأصل ثم العياني ثم الصنعاني ببيته بير العزب غربي صنعاء، وقبر بخزيمة، وكان عارفا بالفقه لا غيره من فنون العلوم، فلم يكن له فيه معرفة ولا لمسه، إنما كان فقيها بحتا، مقررا للقواعد لا يميل عنها على قاعدة المذهب، ودخل آخر مدته في بلوى القضاء. ولما مات المتوكل إسماعيل وقام بعده أحمد بن الحسن لم يقل بكماله، ولا اعتقد إمامته، ولا حضر الجمعة في مدته.
وفي جمادى الآخرة مات الشريف لطف الله بن علي بن لطف الله بن مطهر بن شرف الدين بالروضة وهو في الخريف، وكان المذكور له معرفة وبعض مشاركة، ولكنه كان جامد القريحة بعيد الهمة، بحيث أنه أسمع بعض الجزء الأول من (صحيح البخاري) على بعض الواصلين إلى صنعاء من دمشق، وهو الحاج محمد كزبر مدة سنة كاملة، ولم يبلغ إلا إلى صلاة الجماعة، وهذا شيء ما قد اتفق في قراءة فيما علمناه، وسبب ذلك أنه يعسر عليه الإملاء ويتلكأ فيه ويختل عليه مجاريه[212/أ]؛ ولأن شيخه المذكور الحاج محمد كزبر الحنبلي الدمشقي الواصل إلى صنعاء هذه المدة ببضاعة من مكة كان يملي عليه جميع شرح ابن حجر العسقلاني (فتح الباري على البخاري) فطالت القراءة بسبب ذلك. وكان هذا السيد قد دخل في مذهب الشافعي، ولبس لباس الفقراء، ثم إنه بعد ذلك تأهل بزوجه، وله منظومة في معتقده يذكر فيها أنه شافعي، وترك مذهب الهدوي وخرج عنه.
Page 578