Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
Investigator
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
Edition Number
الأولى ١٤٢٢هـ
Publication Year
٢٠٠٢م
Genres
بالاتفاق. وهما فرضان فيهما من تطهير الفم والأنف وتنظيفهما، لأن الفم والأنف يتوارد عليهما كثير من الأوساخ والأبخرة ونحوها. وهو مضطر إلى ذلك وإزالته. وكذلك السواك يطهر الفم. فهو "مطهرة للفم مرضاة للرب"١ ولهذا يشرع كل وقت ويتأكد عند الوضوء والصلاة والانتباه من النوم، وتغير الفم، وصفرة الأسنان ونحوها.
وأما قصّ الشارب أو حَفُّه حتى تبدو الشَّفَّة، فلما في ذلك من النظافة، والتحرز مما يخرج من الأنف، فإن شعر الشارب إذا تدلى على الشفة باشر به ما يتناوله من مأكول ومشروب، مع تشويه الخلقة بوفرته، وإن استحسنه من لا يعبأ به. وهذا بخلاف اللحية، فإن الله جعلها وقارًا للرجل وجمالًا به. ولهذا يبقى جماله في حال كبره بوجود شعر اللحية. واعتبر ذلك بمن يعصي الرسول ﷺ فيحلقها، كيف يبقى وجهه مشوهًا قد ذهب محاسنه، وخصوصًا وقت الكبر. فيكون كالمرأة العجوز إذا وصلت إلى هذا السن ذهبت محاسنها، ولو كانت في صباها من أجمل النساء. وهذا محسوس، ولكن العوائد والتقليد الأعمى يوجب استحسان القبيح، واستقباح الحسن.
وأما قص الأظافر ونتف الإبط، وغسل البراجم، وهي مطاوي البدن التي تجتمع فيها الأوساخ – فلها من التنظيف وإزالة المؤذيات ما لا يمكن جحده، وكذلك حلق العانة.
وأما الاستنجاء – وهو إزالة الخارج من السبيلين بماء أو حجر – فهو لازم وشرط من شروط الطهارة.
فعلمت أن هذه الأشياء كلها، تكمل ظاهر الإنسان وتطهره وتنظفه، وتدفع عنه الأشياء الضارة والمستقبحة، والنظافة من الإيمان.
والمقصود: أن الفطرة هي شاملة لجميع الشريعة، باطنها وظاهرها؛ لأنها تنفي الباطن من
_________
(١) صحيح، علّقه البخاري في "صحيحه" قبل رقم: ١٩٣٤، بصيغة الجزم، وأخرجه موصولًا: أحمد في "مسنده" ١/٣، ٦/٤٧، ٦٢، ١٢٤، ١٤٦، ٢٣٨، والشافعي في "الأمّ" ١/٢٣، وفي "مسنده" ص٤، والنسائي في "سننه" ١/١٠، والبيهقي في سننه (١/٣٤، وابن خزيمة في "صحيحه" رقم: ١٣٥، وانظر: "إرواء الغليل" رقم: ٦٦، و"رياض الصالحين" رقم: ١٢٢٠، "المنار المنيف" رقم: ١٠، وقد خرّجته في "فوائد السواك" للآقكرماني يسّر الله نشرها.
1 / 60