228

(192)(ومن يقل دار الخلود فانية أو أهلها ففاسق علانية) هذا بيان الرد على الفرقة القائلة بفناء الجنة والنار بعد دخول كل فيها وهم الجهمية على ما وجدت في الأثر، والرد عليهم ظاهر من الكتاب وشاهد العقل قال تبارك وتعالى: { وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ( بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة : 80 و81 وقال تعالى: { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا } الجن : 23 وقال تعالى في وصف أهل الجنة : { عطاء غير مجذوذ } هود : 108 أي غير مقطوع، في أمثالها من الآيات.

وشاهد العقل يقضي أن الكريم إذا أنعم بنعمة قد وعد بعدم انقطاعها انه لو قطعها لكان غير كريم، بل كان سفيها كذابا من حيث أنه يعد بالشيء فلا ينجز وعده وهو قادر عليه، ولو قيل إنه غير قادر للزم عليه عجز الباري جل وعلا وهو باطل، وبالجملة فهم متأولون فحكمهم حكم من قبلهم من الفرق من حيث أنهم كفار نعمة لا شرك ما لم يظهر منهم رد لتنزيل أو تكذيب لرسول فيحكم عليهم بالشرك كذا قيل وعليه جريت في النظم والظاهر أن هؤلاء مشركون لما في مقالتهم هذه من رد الأدلة القطعية من الآيات القرآنية، وما تخيل لهم من التأويل هي خيالات لا تدفع عنهم هذا الحكم إذ لم تكن هنالك شبهة يتمسكون بها فيعطون حكم المتأولين، وليس كل من آثر هواه على دليل هداه يعطى حكم المتأولين والله أعلم.

Page 261