145

قلنا: الصفات عين الذات لما قدمناه من البرهان ولا يلزم من ذلك ما ذكرتموه من اتصاف الشيء بذاته لأن هذه الصفات لها معان اعتبارية، وللذات كمالات ذاتية لا يدل عليها نفس لفظ (الذات)، ولكل واحد من تلك الكلمات معنى اعتباري يعبر عنه بالصفة، فالصفات عبارة عن المعاني الإعتبارية الدالة على الكمالات الذاتية، فبهذا الإعتبار لم يكن قولنا الله قدير بمنزلة قولنا ذاته ذاته لما في قولنا قدير من التعبير عن المعنى الإعتباري المفيد للكمال الذاتي، حاصل ما في المقام أن ذاته تعالى متصفة بالكمالات الذاتية قائمة مقام ذات وصفة أي غنية بنفسها عن غيرها والله تعالى أعلم.

(117)(فهو عليم لا بعلم جلبا وهو سميع لا بسمع ركبا)

(118)(وهو بصير لا بعين نظرت وهو قدير لا بقدرة عرت)

(119)(وهكذا في سائر الصفات لأنها في الأصل عين الذات)

أي فإذا ثبت بما قررناه من البرهان أن صفاته تعالى الذاتية عين ذاته لا غيرها كما زعم الغير، فنقول: انه تعالى عليم بذاته لا بعلم هو غيره؛ أي ذاته عزوجل منكشفة لها المعلومات انكشافا تاما غير محتاجة في ذلك الإنكشاف إلى واسطة بينها وبين المعلوم كما زعم الغير، وأنه تعالى سميع بذاته لا بسمع مركب فيه أو زائد عليه؛ أي ذاته تعالى منكشفة لها المسموعات إنكشافا تاما غير محتاجة في ذلك الإنكشاف إلى واسطة بينها وبين المسموعات كما زعم الغير، وأنه تعالى بصير بذاته لا ببصر هو غيره أي ذاته تعالى منكشفة لها المبصرات انكشافا تاما غير محتاجة في ذلك الإنكشاف إلى واسطة بينها وبين المبصرات كما زعم الغير، وأنه تعالى قدير بذاته لا بقدرة هي غيره أي ذاته تعالى منفعلة لها الأشياء ايجادا وانعداما غير محتاجة في ذلك التأثير إلى واسطة بينهما وبين المؤثرات كما زعم الغير.

Page 177