109

وثانيها: أن يكون الحدث في تفسير الجملة أو في شيء منه مما تقوم به الحجة من العقل فهو كما مضى في الوجه الأول إلا أنه قد قيل فيه في بعض القول أنه يسع من علمه جهل ضلال راكبه مالم يبن له علم ذلك والأول أكثر.

وثالثها: أن يكون الحدث على وجه الإستحلال من تحليل الحرام وتحريم الحلال مما لا تقوم الحجة به في الأصل إلا بالسماع، فالقول فيه كالقول في الحدث في تفسير الجملة من الإختلاف.

ورابعها: أن يكون الحدث على سبيل الإنتهاك لما يدين المحدث بتحريمه فيخرج فيه ما قد ذكرنا من الأثر المرفوع عن الإمام جابر رحمه الله وسيأتي ذكر الوجهين الأولين مرة أخرى عند ذكر الناظم لهما ان شاء الله تعالى.

واشارة الناظم تقتضي التسوية بين المحرم والمستحل على أنهما محادان بإصرارهما قال تعالى: { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم.. إلى آخر الآية } المجادلة : 22 هذا كله بعد العلم بحدث المصر وهو معنى قوله: (من بعد أن تعلم كفره) وأشار بقوله: (ومع بعضهم مالم تع الحكم) إلى ما ذهب إليه بعض الفقهاء من أنه يسع جهل ضلالة المصر محرما كان أو مستحلا اذا لم يعرف حكم الحدث الواقع فيه، أعني هل هو من المكفرات أم لا؟ وهذا القول حسن أيضا إلا أنه معلق بشروط.

أحدها: أن لا تتولاه على فعله وان كان وليا لك فيما سلف.

ثانيها: أن لا تبرأ ممن برئ منه عالما كان أو ضعيفا.

ثالثها: أن لا تقف عن ولاية من برئ منه إذا كان وليا لك من قبل، فاذا كان منك أحد هذه الأشياء فلا يسعك جهل ضلالته، وأما على القول الأول وإن لم يكن منك أحد هذه الأشياء فلا يسعك جهل ضلالته بعد العلم بحدثه.

(69)(وواسع جهلك بالمحلل إن أنت عن تحليله لم تعدل)

Page 140