147

Bahja

البهجة التوفيقية لمحمد فريد بك

Investigator

د .أحمد زكريا الشلق

Publisher

دارالكتب والوثائق القومية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1426هـ /2005 م

Publisher Location

القاهرة / مصر

ولو هاجم إبراهيم باشا الجيش التركي في أثناء عبوره لنهر الفرات حين كان | منقسما على الشاطئين لأمكنه أن ينتصر عليه بكل سهولة لولا أن حالت بينه | وبين بغيته هذه أوامر والده المشددة عليه بعدم الابتداء بالهجوم . وكانت في أثناء | هذه المدة قناصل الدول تكثر من التردد على سراي محمد علي باشا بشيرا | لتبليغه كل ما يرد عليهم من دولهم فكانت الدول تارة تهدده بتداخلها لو ابتدأ | بالحرب ، وتارة تعده بأن تتوسط له عند الباب العالي ليعطي له ولايتي مصر | والشام وتكونا له ولأولاده من بعده ولكثرة إلحاح القناصل عليه سافر إلى | الوجه البحري بقصد التفسح ولتسكين خاطر القناصل ، وكتب إلى باغوص | بيك ناظر خارجيته بالقاهرة جوابا من شبين بتاريخ 16 صفر سنة 1255 | الموافق ( 2 إبريل سنة 1839 ) يخبره به أنه قد ورد إليه كتاب من ولده إبراهيم | باشا من جهة الشام يقول فيه أن العساكر الشاهانية اجتازت الفرات عند قرية | ( بلاجيك ) ويظهر أن وجهتها مدينة حلب ، وأنه كتب إلى ولده أن لا يهاجم | | الجيش التركي بل يتربص في مكانه حتى يهاجموه فيدافع عن نفسه بقدر | الطاقة .

لكن لم يهدأ بال القناصل بل توجه الموسيو ( دي ميدم ) قنصل جنرال | الروسية إلى دمياط ومعه رسالة وردت إليه بخط الموسيو ( نسلرود ) وزير | الروسية الأول يهدد فيها محمد علي باشا بالتداخل الحربي إن لم يصدر أمره حالا | برجوع العساكر المصرية من الشام ويعترف بتبعيته للباب العالي ويقبل كل ما | تقرره الدولة بشأنه ، فاغتاظ لذلك محمد علي باشا لكنه كظم غيظه ووعد برد | الجواب ثم في يوم 16 مايو سنة 1839 أرسل إلى قناصل الدول عموما | منشورا يخبرهم فيه بأنه لو رجعت العساكر السلطانية إلى الشاطئ الأيسر من | الفرات ، فهو أيضا يأمر برجوع عساكره ورجوع إبراهيم باشا أيضا إلى | ( دمشق ) ولو عادت عساكر الدولة إلى ما وراء ( ملطية ) فهو يستدعي إبراهيم | باشا إلى مصر فضلا عن كونه مستعدا لإرجاع جزء عظيم من جيشه إلى مصر | لو تعهدت الدول الأربع العظمى وقبل الباب بأن تكون مصر والشام له | ولورثته إلى ما شاء الله . ولكن لم تقبل الدولة العلية ذلك بل عزمت على أن لا | تسلم إلا للقوة وأرسلت إلى حافظ باشا أن يستعد لمقاتلة المصريين ومكافحتهم | فأمر حافظ باشا بقطع العلاقات التجارية بين ولايات الدولة والشام وأوقف | أيضا سير القوافل فأمر بمثل ذلك إبراهيم باشا وأرسل سليمان باشا ، وكان | مكلفا بالمخاطبات السياسية ، منشورا إلى قناصل الدول بحلب يخبرهم فيه أن | إبراهيم باشا أمر بعدم سير القوافل إلى ولايات الدولة العلية لإبتداء حافظ باشا | بمثل ذلك ، وأن هذا التحريج لا يرتفع إلا إذا عادت المواصلات بأمر القائد | التركي .

Page 179