342

Badhl al-naẓar fī al-uṣūl

بذل النظر في الأصول

Editor

الدكتور محمد زكي عبد البر

Publisher

مكتبة التراث

Edition

الأولى

Publication Year

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

Publisher Location

القاهرة

Genres

فإن قيل: يجوز أن تظفر الأمة بنص كان قد خفي عليهم، فيزول إجماعهم بذلك - قلنا: هذا لا يجوز. لأنه لو كان في الشريعة نص، كان العمل بمقتضى النص هو الحق، وإجماع الأمة على خلاف ما اقتضاه يكون عدولًا عن الحق. ولا يجوز أن الأمة بأسرهم ذهبوا عن الحق.
فإن قيل: إنما كان العمل بالنص حقًا بشرط أن تظفر الأمة به. وأما إذا لم تظفر به، فالعمل بالاجتهاد هو الحق. فإذا عملت بالاجتهاد ثم ظفرت بالنص، ارتفع الحكم الثابت بالإجماع، فيكون نسخًا - قلنا: إن جاز أن تكلف الأمة العمل بالنص بشرط أن تظفر به، وبالاجتهاد مع فقده، فإذا ظفرت بالنص زال الحكم الثابت بالاجتهاد لزوال شرطه، والحكم إذا زال لزوال شرطه، لا يكون نسخًا.
فإن قيل: يجوز أن ينعقد الإجماع على عهد النبي ﵇، فيرد كتاب أو سنة ينسخانه - قلنا: الإجماع حال حياة النبي ﵇ إنما ينعقد بتوقيف من جهة النبي ﵇، وهو بمنزلة النص، فيجوز ورود النسخ عليه - إنما الكلام في انعقاد الإجماع بعد وفاة النبي ﵇، حيث كان المعتبر هو الإجماع، فيرد عليه نسخ، وإنه ممتنع - على ما مر.
- وأما نسخ الإجماع [بالإجماع]:
فلا يجوز. لأن الإجماع الثاني لا يخلو: إما أن دل على فساد الإجماع الأول، أو لم يدل، بل كان حقًا. فالأول باطل لما ذكرنا. وإن كان الأول حقًا لكنه حرم القول: فإما إن حرم القول بدليل متجدد أو بدليل كان قد خفي عليهم. وقد أفسدنا كلا الوجهين.

1 / 347