وينبغي أن لا يعول في طلب ولاية أو شكوى غريم على من سبق كما يفعل كثير من الترك ذلك فيمن سبق بالشكوى إليهم، وإن كان ظالما فيقولون هو مظلوم ويجزمون بأن خصمه ظالم عليه لسبقه له فطالما اشتكى الرجل، وتظلم وهو ظالم. بل ينبغي لمن له الأمر أن يتأني، ويتبصر، ويفحص حتى يظهر له الأحق والمظلوم؛ ليوليه أو يزيل ظلامته، وأفحش من ذلك من يقدم في الولاية من بذل له مالًا سحتا حرامًا في تولية وظيفة، أو منصب ولاية على المسلمين، فإن من يوليه، أو يساعد في ولايته آثم مأزور من وجهين:
أحدهما: عدوله عن الأحق الأصلح لتلك الولاية إلى هذا الجاهل الظالم.
ثانيهما: قبوله منه هذا السحت الحرام، فإنه يأخذ أضعافه من ضعفة المسلمين، ومساكينهم، فيكون ذلك في صحيفة من ولاه، لأنه السبب، وخصوصا إن كان يعلم منه ذلك، فالبلاء أشد وأعظم.
وإذا قال السلطان لعماله، هاتوا فقد قال لهم: خذوا نسأل الله السلامة، " فإن عدل السلطان عن الأحق إلى غيره، لأجل قرابة بينهما، أو صهارة، أو صداقة، أو موافقة في بلد، أو مذهب أو طريقة أو جنس كالعربية، والفارسية، والتركية،
1 / 114