Badaic Fawaid
بدائع الفوائد
Publisher
دار الكتاب العربي
Edition Number
الأولى
Publisher Location
بيروت
Genres
Hadith
ألفا يمتد بها الصوت ما لم يقطعه ضيق النفس فآذن امتداد لفظها بامتداد معناها ولن يعكس ذلك فتأمله فإنه معنى بديع وانظر كيف جاء في أفصح الكلام كلام الله: ﴿وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا﴾ بحرف لا في الموضع الذي اقترن به حرف الشرط بالفعل فصار من صيغ العموم فانسحب على جميع الأزمنة وهو قوله ﷿: ﴿إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾ كأنه يقول: متى زعموا ذلك لوقت من الأوقات أو زمن من الأزمان وقيل لهم: تمنوا الموت فلا يتمنونه أبدا وحرف الشرط دل على هذا المعنى وحرف لا في الجواب بإزاء صيغة العموم لاتساع معنى النفي فيها وقال في سورة البقرة ولن يتمنونه فقصر من سعة النفي وقرب لأن قبله: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ﴾ لأن إن وكان هنا ليست من صيغ العموم لأن كان ليست بدالة على حدث وإنما هي داخلة على المبتدأ والخبر عبارة عن مضي الزمان الذي كان فيه ذلك الحدث فكأنه يقول ﷿ إن كان قد وجبت لكم الدار الآخرة وثبتت لكم في علم الله فتمنوا الموت الآن ثم قال في الجواب: ولن يتمنوه فانتظم معنى الجواب بمعنى الخطاب في الآيتين جميعا وليس في قوله: أبدا ما يناقض ما قلناه فقد يكون أبدا بعد فعل الحال تقول زيد يقوم أبدا قصور المعتزلة في فهم كلام الله ومن أجل ما تقدم من قصور معنى النفي في لن وطوله في لا يعلم الموفق قصور المعتزلة في فهم كلام الله تعالى حيث جعلوا لن تدل على النفي على الدوام واحتجوا بقوله: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ وعلمت بهذا أن بدعتهم الخبيثة حالت بينهم وبين فهم كلام الله كما ينبغي وهكذا كل صاحب بدعة تجده محجوبا عن فهم القرآن وتأمل قوله تعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ كيف نفى فعل الإدراك ب لا الدالة على طول النفي ودوامه فإنه لا يدرك أبدا وإن رآه المؤمنون فأبصارهم لا تدركه تعالى عن أن يحيط به مخلوق وكيف نفى الرؤية ب لن فقال: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ لأن النفي بها لا يتأبد وقد كذبهم الله في قولهم بتأبيد النفي ب لن بقوله وقالوا: يا مالك ﴿لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ فهذا تمن للموت فلو اقتضت لن دوام
1 / 96