مقدمة المحقِّق
الحمد لله واهب الحمد ومُسْديه، وصلاةً وسلامًا على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد؛ فإن أغراض التأليف وألوانه لا تقف عند حدّ (^١)، وهمم العلماء في ذلك لا تنقطع إلا بانقطاع العلم؛ وذلك لكثرة المطالب الباعثة عليه، وسعة المباغي الداعية إليه.
ومن جملة تلك المطالب التي ألِفَ العلماءُ الكتابةَ فيها: تقييدُ بها يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلالٍ محرَّر، أو ترتيبٍ مُبتكر، أو استنباطٍ دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقتَ ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان.
يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو "التذكرة" أو "الزنبيل" أو "الكنَّاش" أو "المخلاة"
_________
(^١) نعم، وإن حصرها بعض العلماء في أربعة أغراض كابن فارس في "الصاحبي" وأرسطو كما في "كشف الظنون"، أو بثمانية كما ذكر ابن حزم في "نقط العروس" ونقله عنه صاحب "الكشف" وأبو الطيب ابن الشركي في "إضاءة الراموس" وغيرهم، إلا أن هذا الحصر الجُمْلي يدخل تحته من التفاصيل والفروع ما لا يُحْصَى، والناظر في مدوّنات أسماء الكتب كـ "الكشف" ونظائره يعلم هذا حق العلم.
المقدمة / 5