134

Badaic Fawaid

بدائع الفوائد

Publisher

دار الكتاب العربي

Edition Number

الأولى

Publisher Location

بيروت

Genres

Hadith
التقسيم والاختصاص وتقديم ذكر شأنه وفعله في أول السورة وفائدة حادية عشرة وهي أن هذه السورة قد اشتملت على جنسين من الأخبار أحدهما براءته من معبودهم وبراءتهم من معبوده وهذا لازم أبدا الثاني إخباره بأن له دينه ولهم دينهم فهل هذا متاركة وسكوت عنهم فيدخله النسخ بالسيف أو التخصيص ببعض الكفار أم الآية باقية على عمومها وحكمها غير منسوخة ولا مخصوصة وبعد فهذه عشر مسائل في هذه السورة ذكرنا منها مسألة واحدة وهي: وقوع ما فيها بدل من فنذكر المسائل التسع مستمدين من فضل الله مستعينين بحوله وقوته متبرئين إليه من الخطأ فما كان من صواب فمنه وحده لا شريك له وما كان من خطأ فمنا ومن الشيطان والله تعالى ورسوله ﷺ بريئان منه وأما المسألة الثانية وهي: فائدة تكرار الأفعال فقيل فيه وجوه أحدها: أن قوله: ﴿لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ نفي للحال والمستقبل وقوله: ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ مقابلة أي لا تفعلون ذلك وقوله: ﴿وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ﴾ أي لم يكن مني ذلك قط قبل نزول الوحي ولهذا أتى في عبادتهم بلفظ الماضي فقال ما عبدتم فكأنه قال: لم أعبد قط ما عبدتم وقوله: ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ مقابله أي لم تعبدوا قط في الماضي ما أعبده أنا دائما وعلى هذا فلا تكرار أصلا وقد استوفت الآيات أقسام النفي ماضيا وحالا ومستقبلا عن عبادته وعبادتهم بأوجز لفظ وأحضره وأبينه وهذا إن شاء الله أحسن ما قيل فيها فلنقتصر عليه ولا نتعداه غيره فإن الوجوه التي قيلت في مواضعها فعليك بها وأما المسألة الثالثة: وهي تكريره الأفعال بلفظ المستقبل حين أخبر عن نفسه وبلفظ الماضي حين أخبر عنهم ففي ذلك سر وهو الإشارة والإيماء إلى عصمة الله تعالى له عن الزيغ والانحراف عن عبادة معبوده والاستبدال به غيره وأن معبوده واحد في الحال والمال على الدوام لا يرضي به بدلا ولا يبغي عنه حولا بخلاف الكافرين فإنهم يعبدون أهواءهم ويتبعون شهواتهم في الدين وأغراضهم فهم بصدد أن يعبدوا اليوم معبودا وغدا غيره فقال: ﴿لا أَعْبُدُ

1 / 135