الاطمئنان إلى وعيد الرجال، وما يأخذون أنفسهم به من عهد، ألم يكن الشيخ قد أقسم لا يعود الصبي إلى الكتاب أبدا؟ وها هو ذا قد عاد! وأي فرق بين الشيخ يقسم ويحنث! وبين سيدنا يرسل الطلاق والأيمان إرسالا، وهو يعلم أنه كاذب؟ وهؤلاء الصبيان يتحدثون إليه، فيشتمون له الفقيه والعريف، ويغرونه
6
بشتمهما، حتى إذا ظفروا منه بذلك، تقربوا به إلى الرجلين، وابتغوا
7
به إليهما الوسيلة، وهذه أمه تضحك منه، وتغري به سيدنا حين أقبل يتحدث إليها بما نقل إليه الصبيان، وهؤلاء إخوته يشمتون به، ويعيدون عليه مقالة سيدنا من حين إلى حين، يغيظونه ويثيرون سخطه، ولكنه كان يحتمل هذا كله في صبر وجلد، وما له لا يصبر ولا يتجلد وليس بينه وبين فراق هذه البيئة
8
كلها إلا شهر أو بعض شهر!
الفصل الثاني عشر
ولكن الشهر مضى، ورجع الأزهري إلى القاهرة، وظل صاحبنا حيث هو كما هو، لم يسافر إلى الأزهر، ولم يتخذ العمة ولم يدخل في جبة أو قفطان.
كان لا يزال صغيرا، ولم يكن من اليسير إرساله إلى القاهرة، ولم يكن أخوه يحب أن يحتمله، فأشار بأن يبقى حيث هو سنة أخرى، فبقي ولم يحفل أحد برضاه أو غضبه.
Unknown page