أنا منذ شهر أرقب منها كتابا ولا يأتي كتابها، ففي كل يوم غضب على أثارة قبله،
4
وكنت أرى أن الحب هو الطريقة التي يعثر بها الإنسان على روحه وهو مغشي بماديته، فيكون كأنه في الخلد وهو بعد في الدنيا وأكدارها، فأصبحت أرى الحب كأنه طريقة يفقد بها الإنسان روحه قبل الموت، فيعود كأنه ضارب غمرة
5
من الحميم وهو قار في نسيم الدنيا!
ليس لي والله من شدة حبي إياها إلا أن أبغضها وأتجهمها بالكلام النافر الغليظ، وأقول لها ... نعم أقول لها، ثم أقول لها: قبح الله الحب إن كان مثل وجدي بك: لا يؤتي الحياة جمالها إلا يسلبها حريتها واستقرارها معا! وأقول لها، ثم أقول لها: لقد أوقعتني من حبك وهجرك بين الشر والذي هو شر منه ... وأقول لها أيضا: لقد يكون ما نراه من حب المرأة الجميلة فنظنه أبدع ما تحسنه من الرقة والظرف، هو أبدع ما تتقنه من صناعة الكذب بوجهها ...!
ولكن هل تصدق شيئا من هذا، وهي تعلم من فلسفتها، ومن غرائزها أن إرادة البغض إنما هي أقوى دليل على وجود الحب، وهي التي قالت لي ذات يوم: إن ازدراء رجل محب لامرأة يحبها هو حب جديد!
يا ويحي، ماذا أصنع؟
إن سكت علمت علم السكوت، وقالت: محب يأكل الغيظ من قلبه، وإن غضبت لم يفتها معنى الغضب، وقالت: محب يلتمس أسباب الرضا، وإن زعمت السلوة كان الزعم من حجتها، وقالت: محب يصور قلبه غير تصويره!
يا ويحي! كيف؟
Unknown page