55

Cawn Macbud

عون المعبود شرح سنن أبي داود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُحَرِّمُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَغَيْرَهُمَا عَلَى الْمُصَلِّي وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ التَّحْرِيمَ بِمَعْنَى الْإِحْرَامِ أَيِ الدُّخُولُ فِي حُرْمَتِهَا فَالتَّحْلِيلُ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ عَنْ حُرْمَتِهَا قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي مُسْنَدِهِ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ وَإِحْرَامُهَا التَّكْبِيرُ وَإِحْلَالُهَا ــ [حاشية ابن القيم، تهذيب السنن] الحجة الثانية أن النبي قَالَ لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاته إِذَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكَبِّرْ وَلَا يَكُون مُمْتَثِلًا لِلْأَمْرِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ وَهَذَا أَمْر مُطْلَق يَتَقَيَّد بِفِعْلِهِ الَّذِي لَمْ يَخْلُ بِهِ هُوَ وَلَا أَحَد مِنْ خُلَفَائِهِ وَلَا أَصْحَابه الْحُجَّة الثَّالِثَة مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث رِفَاعَةَ أَنَّ النَّبِيّ قَالَ لَا يَقْبَل اللَّه صَلَاة اِمْرِئٍ حَتَّى يَضَع الطَّهُور مَوَاضِعه ثُمَّ يَسْتَقْبِل الْقِبْلَة وَيَقُول اللَّه أَكْبَر الْحُجَّة الرَّابِعَة أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الصَّلَاة تَنْعَقِد بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظ لَتَرَكَهُ النَّبِيّ وَلَوْ فِي عُمْره مَرَّة وَاحِدَة لِبَيَانِ الْجَوَاز فَحَيْثُ لَمْ يَنْقُل أَحَد عَنْهُ قَطّ أَنَّهُ عَدَلَ عَنْهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاة لَا تَنْعَقِد بِغَيْرِهِ الْحُجَّة الْخَامِسَة أَنَّهُ لَوْ قَامَ غَيْره مَقَامه لَجَازَ أَنْ يَقُوم غَيْر كَلِمَات الْأَذَان مَقَامهَا وَأَنْ يَقُول الْمُؤَذِّن كَبَّرَتْ اللَّه أَوْ اللَّه الْكَبِير أَوْ اللَّه أَعْظَم وَنَحْوه بَلْ تَعَيَّنَ لَفْظَة اللَّه أَكْبَر فِي الصَّلَاة أَعْظَم مِنْ تَعَيُّنهَا فِي الْأَذَان لِأَنَّ كُلّ مُسْلِمٍ لَا بُدّ لَهُ مِنْهَا وَأَمَّا الْأَذَان فَقَدْ يَكُون فِي الْمِصْر مُؤَذِّن وَاحِد أَوْ اِثْنَانِ وَالْأَمْر بِالتَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاة آكَد مِنْ الْأَمْر بِالتَّكْبِيرِ فِي الْأَذَان وَأَمَّا حُجَّة أَصْحَاب الشَّافِعِيِّ عَلَى تَرَادُف اللَّه أكبر والله الْأَكْبَر فَجَوَابهَا أَنَّهُمَا لَيْسَا بِمُتَرَادِفَيْنِ فَإِنَّ الْأَلِف وَاللَّام اِشْتَمَلَتْ عَلَى زِيَادَة فِي اللَّفْظ وَنَقْص فِي الْمَعْنَى وَبَيَانه أَنَّ أَفْعَل التَّفْضِيل إِذَا نُكِّرَ وَأُطْلِقَ تَضَمَّنَ مِنْ عُمُوم الْفَضْل وَإِطْلَاقه عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَضَمَّنهُ الْمُعَرَّف فَإِذَا قِيلَ اللَّه أَكْبَر كَانَ مَعْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْء وَأَمَّا إِذَا قِيلَ اللَّه أَكْبَر فَإِنَّهُ يَتَقَيَّد مَعْنَاهُ وَيَتَخَصَّص وَلَا يُسْتَعْمَل هَذَا إِلَّا فِي مُفَضَّل عَلَيْهِ مُعَيَّن كَمَا إِذَا قِيلَ مَنْ أَفْضَل أَزِيد أَمْ عَمْرو فَيَقُول زَيْد الْأَفْضَل هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة وَالِاسْتِعْمَال فَإِنَّ أَدَاة التَّعْرِيف لَا يُمْكِن أَنْ يُؤْتَى بِهَا إِلَّا مَعَ مَنْ وَأَمَّا بِدُونِ مَنْ فَلَا يُؤْتَى بِالْأَدَاةِ فَإِذَا حُذِفَ الْمُفَضَّل عَلَيْهِ مَعَ الْأَدَاة أَفَادَ التَّعَمُّم وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ اللَّام وَهَذَا الْمَعْنَى مَطْلُوب مِنْ الْقَائِل اللَّه أَكْبَر بِدَلِيلِ مَا رَوَى التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث عدي بن حاتم الطويل أن النبي قَالَ لَهُ مَا يَضُرّك أَيَضُرُّك أَنْ يُقَال اللَّه أَكْبَر فَهَلْ تَعْلَم شَيْئًا أَكْبَر مِنْ اللَّه وَهَذَا مُطَابِق لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ وَهَذَا يَقْتَضِي جَوَابًا لَا شَيْء أَكْبَر شَهَادَة مِنْ اللَّه فَاَللَّه أَكْبَر شَهَادَة مِنْ كُلّ شَيْء كَمَا أَنَّ قَوْله لِعَدِيٍّ هَلْ تَعْلَم شَيْئًا أَكْبَر مِنْ اللَّه يَقْتَضِي جَوَابًا لَا شَيْء أَكْبَر مِنْ اللَّه فَاَللَّه أَكْبَر مِنْ كُلّ شَيْء وَفِي اِفْتِتَاح الصَّلَاة بِهَذَا اللَّفْظ الْمَقْصُود مِنْهُ اِسْتِحْضَار هَذَا الْمَعْنَى وَتَصَوُّره سِرّ عَظِيم يَعْرِفهُ أَهْل الْحُضُور الْمُصَلُّونَ بِقُلُوبِهِمْ وَأَبْدَانهمْ فَإِنَّ الْعَبْد إِذَا وَقَفَ بَيْن يَدَيْ اللَّه ﷿ وَقَدْ عَلِمَ أَنْ لَا شَيْء

1 / 63