فتساءل الجبلاوي بشيء من البرود: ألم تسمع ما قلت؟ - بلى، ولكنهم أمي وأبي وإخوتي، إن أبي رجل ... - ألم تسمع ما قلت؟
وشى الصوت بالضجر فغلب الصمت. وإذا بالرجل يقول إيذانا بانتهاء الحديث: ارجع إليهم لتستأذن، ثم عد.
وقام همام فلثم يد جده ومضى. وجد عم كريم ينتظر، فتحرك الرجل وتبعه الشاب في سكون. ولما انتهيا إلى السلاملك، رأى همام فتاة في منطقة الضوء بأول الحديقة، وقد سارعت إلى الاختفاء. غير أنه لمح منها العارض والعنق وقامة ممشوقة. وعاد صوت الجد يتردد في أذنيه وهو يقول: «أن تعيش في هذا البيت وأن تتزوج به.» بفتاة كهذه الفتاة، وعيشة خبرها أبي. كيف هانت عليه المقامرة؟! وكيف وبأي قلب تحمل الحياة بعد ذلك وراء عربة اليد؟! وهذه الفرصة السعيدة كأنها حلم؛ حلم أبي منذ عشرين عاما.
18
عاد همام إلى الكوخ فوجد أسرته جالسة تترقب عودته، وأحاطوا به مستطلعين وسأله أدهم بلهفة: ماذا وراءك يا بني؟
ولاحظ همام أن قدري معصوب العين؛ فقرب رأسه من وجهه ليتحقق من الأمر فقال أدهم بأسى: نشبت معركة حامية بين أخيك وبين ذلك الرجل.
وأشار بيده نحو كوخ إدريس الذي بدا غارقا في الظلمة والصمت، على حين قال قدري بغضب: كل ذلك بسبب التهمة الخبيثة الكاذبة التي قذفت بها من داخل البيت.
وأشار همام نحو كوخ إدريس، وتساءل في قلق: ماذا يحدث هنالك؟
فقال أدهم بحزن: الرجل وزوجه يبحثان عن ابنتهما الهاربة.
فصاح قدري: من المسئول عن ذلك إلا الرجل الفظ اللعين؟!
Unknown page