231

Awlad Haratna

أولاد حارتنا

Genres

فعاد الرجل يعبث بشاربه، وقال زكريا: وأي خير في أن يظن نفسه كجبل أو رفاعة؟ قتل رفاعة شر قتلة، وكاد جبل أن يقتل لولا انضمام أهله إليه، ومن لك أنت يا قاسم؟ أنسيت أنهم يدعون حينا بحي الجرابيع، وأن أكثره ما بين متسول وتعيس؟

فقال صادق بقوة: لا تنسوا أن الجبلاوي اختاره من دون الجميع بمن فيهم الفتوات، ولا أظنه يتخلى عنه عند الشدة!

فقال زكريا ممتعضا: هكذا قيل عن رفاعة في أيامه، ولقد قتل رفاعة على بعد أذرع من بيت الجبلاوي!

وقالت قمر محذرة: لا ترفعوا أصواتكم!

واسترق عويس إلى قاسم النظر وهو يفكر. ما أعجب ما يسمع وما يقال. هذا الراعي الذي جعلت منه ابنة أخي سيدا! أقر له بالصدق والأمانة، ولكن هل يكفي هذا ليجعل منه جبل أو رفاعة؟! وهل يجيء الرجال الكبار بهذه البساطة؟ وماذا يحدث لو صدقت الأحلام ! وقال عويس: يبدو أن قاسم لا يتأثر بتحذيراتنا، ترى ماذا يريد الفتى؟ هل عز عليه أن يبقى حينا وحده الذي لا نصيب له في الوقف؟ أتريد يا قاسم أن تكون فتوة وناظرا لحينا؟

فبان الاحتداد في وجه قاسم وقال: لم يبلغني بذلك، وإنما قال: إن جميع أولاد الحارة أحفاده، وإن الوقف لهم على قدم المساواة، وإن الفتونة شر!

برق الحماس في عيني صادق وحسن، وذهل عويس، أما زكريا فتساءل: أتعرف ماذا يعني هذا؟

فقال عويس بغضب: قل له! - أن تتحدى قوة الناظر ونبابيت لهيطة وجلطة وحجاج وسوارس!

فامتقع وجه قمر، أما قاسم فقال بهدوء كالحزن: هو ذلك!

فندت عن عويس ضحكة انعكس صداها استياء في وجوه قاسم وصادق وحسن، ولم يحفل زكريا بذلك ومضى يقول: سيقضى علينا جميعا بالهلاك، سنوطأ بالأقدام كالنمل، ولن يصدقك أحد. إنهم لم يصدقوا من قابل الواقف ولا من سمع صوته وحاوره، فكيف يصدقون من أرسل إليه خادما من خدمه؟

Unknown page