Awham Caql
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Genres
لقد كان الإنسان قبل السقوط يعرف الطبيعة ويسود عليها؛ فقد اختص آدم من بين جميع المخلوقات بالقدرة على تسمية الأشياء، ومن شأن القدرة على التسمية أن تصبح الأشياء المسماة معروفة للإنسان وخاضعة له في الوقت نفسه، ولكن الإنسان فقد هذه السيادة حين فقد المعرفة.
31
وقد حرم من المعرفة ومن السيادة كلتيهما لارتكابه الخطيئة الأصلية، ولا سبيل إلى استعادة سيادته على الطبيعة إلا بالسعي الدءوب نحوها لمعرفتها أولا وللإفادة منها ثانيا، واستعادة العلم المفقود هي الرسالة التي نادى بها بيكون ودعا إليها، وكان يقصد بالطبع العلم العملي التطبيقي الذي تقوم عليه الفنون والصنائع.
32
يقول بيكون في خاتمة الكتاب الثاني من الأورجانون الجديد: «ذلك أن الإنسان إثر «السقوط» خسر في الوقت ذاته حالة البراءة، خسر سيادته على الخلائق، وكلتا الخسارتين يمكن تعويضها إلى حد ما، حتى في هذه الحياة. الأولى بالدين والإيمان، والثانية بالفنون والعلوم؛ ذلك أن «اللعنة» لم تجعل الخلق مطرودا تماما وأبدا، وإنما بمقتضى القرار الإلهي: «بعرق جبينك تغمس خبزك» (التكوين 19: 3)، فإن الإنسان بجهوده المتنوعة (لا بالمجادلات بالتأكيد، ولا بالطقوس السحرية) يجبر الخلق - أخيرا وبقدر - على أن يزوده بخبزه؛ أي بحاجات حياته البشرية.»
33
الفصل السادس
مكانة فرانسيس بيكون
أخيرا ظهر رجل قدير ... بيكون، الذي اختاره ملك حكيم واختارته الطبيعة، اختاراه على قوانين الاثنين قاضي قضاة، فعبر البرية الماحلة، ووقف على التخوم الحقيقية للأرض الموعودة العظيمة، رآها وأرانا إياها.
أبراهام كولي
Unknown page