Awham Caql
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Genres
أي أن تجرى التجربة لا لتحقيق فكرة معينة، بل لكونها لم تجر بعد، ثم ينظر في النتيجة ماذا تكون، مثل أن نحدث في إناء مغلق الاحتراق الذي يحدث عادة في الهواء.
وبعد إجراء التجارب نقوم بتوزيعها في قوائم ثلاث:
14 (1)
قائمة الحضور: نسجل فيها كل الأحوال التي تظهر فيها الطبيعة (أو الظاهرة) التي ندرسها، فمثلا لو كنا نبحث في الحرارة، فإننا نسجل حضورها في: الشمس، اللهب، دم الإنسان الحي، العدسات الحارقة ... إلخ. (2)
قائمة الغياب: نسجل فيها الأحوال التي لا توجد فيها الطبيعة (أو الظاهرة)، فبالنسبة إلى الحرارة نسجل عدم وجودها في: أشعة القمر، دم الحيوان الميت ... إلخ، وبمقارنة القائمتين نعرف السبب المولد للحرارة والذي بغيابه ينتفي وجود الحرارة. (3)
قائمة الدرجات أو المقارنة: نسجل فيها كل الأحوال التي تتغير فيها طبيعة ما كلما تغيرت طبيعة أخرى فتزيد كلما زادت، وتنقص كلما نقصت، مما يجعلنا نقرر أن هناك ترابطا بينهما.
وبمقارنة اللوحات الثلاث نستطيع أن نستبعد كل الظواهر الغريبة عن الطبيعة التي ندرسها؛ أي التي تكون غائبة حين تكون الطبيعة حاضرة، وحاضرة حين تكون الطبيعة غائبة، وثابتة حين تكون الطبيعة متغيرة، والأمر المهم والأصيل في منهج بيكون هذا هو الدور الذي تلعبه قائمة الغياب وما يصاحبها من تجارب سلبية، يقول بيكون في الشذرة 2: 15: «أطلقت على مهمة ووظيفة هذه القوائم الثلاث «عرض الشواهد أمام الذهن»، وبعد أن تم العرض يجب أن يبدأ «الاستقراء» نفسه في العمل؛ فبالإضافة إلى «عرض» كل مثال يجب أن نكتشف أية طبيعة تظهر دائما مع الطبيعة المعنية أو لا تظهر، أيها تزيد معها أو تقل، وأيها تعد حدا (كما قلنا آنفا) لطبيعة أعم، إذا حاول العقل أن يفعل ذلك على نحو إيجابي
15 (وهو ما سيفعله دائما إذا ترك لحاله)، هنالك ستبرز أوهام وتخمينات وأفكار غير محددة ومبادئ تحتاج إلى تصحيح كل يوم، ما لم يؤثر المرء أن ينافح عن الباطل (كشأن المدرسيين)، وإن كانت هذه بغير شك ستكون أفضل أو أسوأ بحسب قدرة وذكاء الفكر الذي يعمل. غير أن الله وحده (خالق الصور وبارئها) - أو ربما الملائكة والعقول العليا - من يملك معرفة مباشرة بالصور بالإيجاب ومنذ بداية التفكير، من المتيقن أن هذا فوق قدرة الإنسان الذي قدر عليه ألا ينطلق إلا من خلال «الأمثلة السالبة»، فلا يخلص إلى «الأمثلة الإيجابية» إلا بعد أن يستنفد كل ما هو مستبعد.» (5) معنى «الصور» عند بيكون
هكذا يمضي بيكون في الاستبعاد حتى يصل إلى التحديد الإيجابي للظاهرة المراد بحثها، وهي الحرارة في كتاب الأورجانون الجديد، فيخلص إلى أن الحرارة هي نوع من الحركة: هي حركة للجزئيات الصغيرة في الأجسام، يحال فيها دون الميل الطبيعي لهذه الأجسام إلى التباعد عن بعضها البعض، وبتعبير آخر، فإن الحركة هي «صورة»
form
Unknown page