Awham Caql
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Genres
القياس كله - حتى لو كان صحيحا من الوجهة الصورية الخالصة - عملية «عقيمة»؛ فهو لا يأتي بجديد؛ لأن نتائجه قابعة سلفا في المقدمات؛ لذا فهو لا يعدو أن يثبت ويدعم أفكارا موجودة من قبل، قد تكون باطلة كل البطلان، ولكنه لا يعين أبدا على اكتشاف الحقيقة، وما القياس إلا طريقة لإقناع الخصم وقهره عن طريق الحجج اللفظية، ولكن هدف العلم ليس قهر الخصوم بل قهر الطبيعة ، وغاية ما يمكن أن ينتفع به من القياس هو استخدامه لنشر الحقائق وإقناع الأذهان بها لا لكشف الجديد منها.
3
يقول بيكون في الشذرة 1: 12: «نسق المنطق الحالي يفيد في تثبيت وترسيخ الأخطاء (القائمة على الأفكار السائدة) أكثر مما يفيد في البحث عن الحقيقة؛ ومن ثم فإن ضرره أكبر من نفعه.» إن المرء ليستدرج بسهولة إلى الخلط بين الاستدلال الصحيح (صوريا)
valid
وبين «الصدق» أو «الحق»
truth ، هنالك يكون ذكاؤه عبئا عليه! وتترسخ أوهامه بقدر مهارته المنطقية نفسها!
4 (2) الاستقراء الأرسطي
ويحمل بيكون بشدة على الاستقراء الأرسطي؛ لأنه يئول في النهاية إلى «قياس»
syllogism ، مقدمته الكبرى هي نتاج عملية إحصاء يقوم على الأمثلة الإيجابية وحدها. والأمثلة الإيجابية بدون الأمثلة السلبية لا تفضي إلى يقين، ولن تكون على أحسن الفروض إلا تخمينا. يطلق بيكون على هذا الاستقراء «التعداد البسيط»
simple enumeration . يقول برتراند رسل في «تاريخ الفلسفة الغربية»: «يمكن أن نوضح الاستقراء بالتعداد البسيط بواسطة حكاية رمزية تقول: يحكى أن موظف تعداد كلف ذات يوم بتسجيل أسماء جميع الأهالي في قرية معينة بمقاطعة ويلز، فكان أول فرد سأله يدعى وليام وليامز، وكذلك كان اسم الثاني والثالث والرابع ... وأخيرا قال الموظف لنفسه: هذا شيء مضجر، من الواضح أن اسمهم جميعا وليام وليامز، سأسجلهم جميعا هكذا وأمنح نفسي إجازة. ولكنه كان على خطأ؛ إذ إن هناك شخصا واحدا كان اسمه جون جونز، ومن ذلك يتبين أننا قد نضل السبيل إذا ما أولينا ثقة زائدة بالاستقراء بواسطة التعداد البسيط.»
Unknown page